شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٢٤٤
الإلهية وتفكر في الهيبة الربوبية حصل له خوف وخشية يوجب حفظ نفسه عن المخالفة وميلها إلى الطاعة وترك المعصية ويسمى ذلك الخوف أو الحفظ أو الميل أو الجميع بالتقوى وهي تقوى القلوب المذكورة في الآيات والروايات وقد يسمى أثر ذلك وهو فعل الطاعات وترك المنهيات بالتقوى أيضا. والفرق بينهما بالمعنى الأول والورع وهو ترك ما ينبغي تركه ظاهر.
أما الفرق بينها بالمعنى الثاني وبينه ففيه خفاء يمكن رفعه بتخصيص التقوى بفعل الطاعات أو بتعميم الترك في الورع بحيث يشمل ترك المباحات بل الأعم منها أو بأن ذكر الورع بعد التقوى من ذكر العام بعد الخاص أن كانت التقوى عبارة عن مجموع الفعل والترك أو بالعكس إن كانت عبارة عن كال واحد منهما ثم نقول للورع خمسة أقسام ذكرها أرباب القلوب ولا بأس أن نشير إليها وإن ذكرناها آنفا لأن ذكرها هنا لا يخلو من فائدة ما: الأول: ورع العادلين هو ترك الفسوق.
الثاني: ورع الصالحين وهو ترك ما يحتمل التحريم ولكن رخص في تناوله بناء على الظاهر كطعام الملوك وعمالهم وعطاياهم.
الثالث: ورع المتقين وهو ترك ما ليس في حليته شبهة خوفا من أن يؤدي إلى المحرم أو الشبهة.
الرابع: ورع الصديقين وهو ترك ما ليس في حليته شبهة ولا يخاف من أن يؤدي إلى حرام أو شبهة لعدم تعلقه بالدين كالمباحات أو لاتصاله بمن يكره إتصاله به كما نقل أن ذا النون المصري لحقه جوع وهو مسجون فأرسلت إليه امرأة صالحة بطعام على يدي السبحان فأبي أن يأكله واعتذر بأنه وصل إليه يدي ظالم، يعني أن القوة التي أوصلت إليه الطعام لم تكن طيبة، ومن ذلك ما نقل أن بعض العرفاء كان لا يشرب الماء من الأنهار التي حفرتها الامراء فالماء وإن كان مباحا في نفسه لكنه رأى أن النهر حفر بأجرة دفعت من مال حرام.
الخامس: ورع المقربين وهو صرف القلب عن الاشتغال بما سواه تعالى، وينبغي أن يعلم أن الورع كما ذكره بعض أهل التحقيق قد يشبه بالوسواس كمن وجد ثوبين أحدهما لم تلحقه نجاسة والآخر لحقته وغسلت فيترك الصلاة بالمغسول لأنه مسته نجاسة وكمن قبل أحد يده فيغسلها ويقول أن الخروج من عهدة التكليف بيقين على غسلها لأن من الجايز أن يكون بيد من مسه أو بقي من قيل يده نجاسة لا سيما العوام ومن لا يتحفظ ولا يعرف أحكام الطهارة والنجاسة والظاهر أن أمثال هذه الأمور من الوسواس إلا إذا كان المس ممن لا يتحفظ ولا يعرف أحكام الطهارة والنجاسة فإن الظاهر أن الإجتناب منه من الورع.
وقال بعض العامة كان هذا من باب الورع وإنما الوسوسة مثل ما يتفق لبعض الناس من اكثار الماء للوضوء وإكثار التدلك ونحو ذلك والمراء بالاجتهاد المبالغة في طلب الدين وأحكامه
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428