شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ١٩٩
يريد من عبادتي لدخله العجب من ذلك فيصيره العجب إلى الفتنة بأعماله فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله ورضاه عن نفسه حتى يظن أنه قد فاق العابدين وجاز في عبادته حد التقصير فيتباعد مني عند ذلك وهو يظن أنه يتقرب إلي، فلا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعلمونها لثوابي فإنهم لو اجتهدوا وأتبعوا أنفسهم وأفنوا أعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي والنعيم وجناتي ورفيع درجات العلى في جواري ولكن فبرحمتي فليثقوا وبفضلي فليفرحوا وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا، فإن رحمتي عند ذلك تداركهم، مني يبلغهم رضواني ومغفرتي، تلبسهم عفوي فإني أنا الله الرحمن الرحيم وبذلك تسميت.
* الشرح قوله: (قال الله عز وجل ان ما عبادي المؤمنين عبادا لا يصلح أمر دينهم إلا بالغنى والسعة والصحة في البدن فأبلوهم بالغنى والسعة وصحة البدن فيصلح عليهم أمر دينهم) الدنيا والامتحان. فيختبر الغنى بالغنى ليرى أنه يشكره أم يكفره، ولعله بأنه أصلح لدينه، ويختبر الفقير بالفقر ليختبره بأنه يصبر أم يشكو ولعلمه بأنه أصلح لدينه، ووجوه الابتلاء والاختبار متكثرة وطرق الامتحان متعددة، والله تعالى عالم يبلو كل أحد بما هو أصلح له فلو اختبر الغنى بالفقر أو العكس لفسد دينهما وقس عليها.
(وهو ماقت لنفسه زارئ عليها) أي مبغض لها معيب ومعاتب عليها لتقصيرها في العبادة، وتركها بالنوم وهذا مع كونه دافعا للعجب من أعظم العبادات.
(ولو أخلي بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله العجب) وهو ابتهاج الإنسان وسروره بتصور الكمال في نفسه واستعظامه إياه لا من حيث أنه من عطاياه تعالى ونعمائه عليه مع طلب زيادته، والخوف من نقصه أو زواله، بل من حيث أنه وصف له موجب لعلو قدره ورفع درجته وسمو مرتبته وخروجه عن حد النقص والتقصير مع الغفلة عن قياس نفسه إلى الغير بكونه أكمل وأفضل منه، وبهذا القيد ينفصل عن الكبر إذ لابد فيه أن يرى لنفسه مرتبة، وللغير مرتبة ثم يرى مرتبته فوق مرتبة غيره، والعجب من أعظم الذنوب المهلكة حتى روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال «لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أكبر من ذلك العجب العجب» وفيه دلالة على أنه تعالى قد يبلوا العبد بالذنب ليدفع عنه العجب.
(فلا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي) وإن كانت حسنة تامة الأركان والأفعال
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428