شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ١٨٨
وعن الاضطراب إلى الاطمينان بقوله:
(فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص ولا يرده كراهية كاره) فإن أمر الرزق ليس بيد أحد حتى يسوقه إليه عند حرصه أو ترده عند كراهته بل هو بيده تعالى يوصله إلى عباده على حسب ما يقتضيه المصلحة من الزيادة والنقصان، ويحتمل أن يكون المراد أن الرزق لا يسوقه إلى أحد حرص حريص ولا يرده عنه كراهة كاره فينبغي أن لا يذم الخلق بالرد والمنع. ويؤيده ما روى من طرق العامة «أن رزق الله لا يسوقه إليك حرص حريص ولا يرده عنك كراهة كاره».
(لو أن أحدكم فر من رزقه كما يفر من الموت لا دركه رزقه كما يدركه الموت) بالغ به في أن رزق كل أحد كموته بيده تعالى يوصله إليه قطعا أراده أو كرهه لأن الحكيم القادر إذا جعل الوجود موقوفا على الرزق يمتنع عليه أن يقطع الرزق مع تحقق الوجود بل وجب عليه إيصاله، وإن لم يكن المرزوق عالما بطرقه ومنه ينشأ الاضطراب والهم والحزن، ويحرك إلى السؤال والذم والدافع له هو اليقين والرضا عنه تعالى ولذلك حث على طلبهما للظفر بالروح في القلب والتخلص من الاضطراب وبالراحة في البدن والتنزه من ذل السؤال وخسائس الإكتساب بقوله:
(ثم قال إن الله بعدله وقسطه) العطف للتفسير (جعل الروح والراحة) أي راحة القلب وسكونه عن الاضطراب وراحة البدن وفراغه من الاعقاب.
(في اليقين والرضا) فإن الموقن بالله وبصفاته العظمى والراضي عنه بالمنع والإعطاء يطمئن قلبه عن التردد والتلون، ويفرغ عن الاعتماد والتحزن وينقلع عن علقة الأسباب ويقول توكله على رب الأرباب فيستريح عن تصادم الهموم والاضطراب ويتخلص عن تراكم الغموم والاكتساب لتيقنه بأن رزقه يصل إليه ضمنه عادل حكيم ثم عكس ذلك تأكيدا بقوله (وجعل الهم والحزن) الهم الغم المقلق للنفس أو الغم في تحصيل المطلوب عند صعوبته خوفا من فواته، والحزن غم يصيب الإنسان بعد فوات المحبوب.
(في الشك والسخط) لأن الشك يوجب تردد القلب وانزعاجه وتلونه واضطرابه من تجاذب الأسباب وغفلته عن تقدير رب الأرباب وكل ذلك يوقعه في الهم والحزن والعذاب وكذا سخط القلب بالمقسوم وعدم الرضا به يوقعه في الهم والحزن والغموم ولذلك قيل:
ما العيش إلا في الرضا والصبر في حكم * القضاء * ما بات من عدم الرضا إلا على جمر الغضاء
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428