لأنهم، وإن بالغوا واجتهدوا كانوا مقصرين غير بالغين كنه العبادة وحقيقتها ولأنه لا قدر لعبادته في جنب ثوابها وهو الجنة ونعيهما درجاتها وقرب الحق ولأن مفسدات العبادة كثيرة لا يتحقق العلم بخلوصها منها إلا عند المعاينة وحضور الموت، وفيه دلالة على أنه يجوز العمل لقصد الثواب.
(وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا) كان يظن منه الغفران حين يستغفر وقبول العمل حين يعمل، والتوبة إذا تاب، والإجابة إذا دعا، والكفاية إذا استكفاه ونحو ذلك. وبالجملة ينبغي أن يعمل ولا يتكل بحسن عمله وكثرته بل يحسن ظنه بالله في قبول عمله ورفع درجته وإحسانه، وأما من يحسن ظنه بالله بدون العمل فهو أحمق ونظيره من لم يزرع في وقته ويتوقع الحصاد كما يتوقعه الزارعون.
* الأصل 5 - عدة من أصحابنا; عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمال، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال: ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئه في رزقة ولا يتهمه في قضائه.
* الشرح قوله: (ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئه في رزقه) المجرور في رزقة يعود إلى الله أو إلى «من» أي من عرفه ينبغي أن لا ينب إليه البطؤ والبخل في إيصال الرزق كاليهود قالوا يد الله مغلولة.
(ولا يتهمه في قضائه) بالظلم والجور أو بنفيه، أولا يشك فيه بل يستيقن من اتهمته في قوله بمعنى شككت في صدقه.
* الأصل 6 - أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن النعمان، عن عمرو بن نهيك بياع الهروي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال الله عزوجل عبدي المؤمن لا أصرفه في شيء إلا جعلته خيرا له، فليرض بقضائي وليصبر على بلائي وليشكر نعمائي أكتبه يا محمد من الصديقين عندي.
قوله: (عن عمرو بن نهيك بياع الهروي) قال في المغرب ثوب هروي بالتحريك ومروى بالسكون منسوب إلى هرات ومروا، وهما قريتان معروفتان بخراسان، وعن خواهر زاده هما على شط الفرات ولم يسمع ذلك لغيره وفي الإشكال سوى هراة خراسان هراة اخرى هي بنواحي إصطخر من بلاد فارس.
(أكتبه يا محمد في الصديقين عندي) الصدق راست گفتن وراست شدن وراست داشتن والمراد هنا تقويم العبد ظاهر وباطنه وتقويم الباطن يتحقق بتخليته عن الرذائل وتحليته بالفضائل