شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ١٨٧
ابن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد الحناط وعبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من صحة يقين المرء المسلم أن لا يرضي الناس بسخط الله ولا يلومهم على ما لم يؤته الله، فان الرزق لا يسوقه حرص وحريص ولا يرده كراهية كاره، ولو أن أحدكم فر من رزقه كما يفر من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت، ثم قال: إن الله بعدله وقسطه جعل الروح والراحة في اليقين والرضا وجعل الهم والحزن في الشك والسخط.
* الشرح (قال من صحة يقين المرء المسلم أن لا يرضى الناس بسخط الله) ليس كل من يدعى اليقين له يقين صحيح صادق مستمر بل لصحته وثبوته وكونه ملكة علامات، ومن علامات صحته أن لا يرضى الناس أبدا بما يوجب سخط الله تعالى وغضبه عليه كما هو فعل غير موقن فإنه يقول ما يوافق طبع الناس ويعمل ما فيه رضاهم وإن كان فيه سخط الرب لئلا يفوت مقاصده المأمولة منهم، أو لغير ذلك من الاغراض الفاسدة فيترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ويجالس الفاسقين والظالمين، ويساهل معهم ويميل إلى ما هو مستحسن في طباعهم المعوجة ولا يعلم أن أقل ما يفعل الله تعالى بمن جعل رجاه فداء لرضا غيره وسخطه فداء لسخط خلقه بعد مقته هو أن يضرب على قلبه ذل الحجاب وأن يقلب قلب من طلب رضاه ببغضه إياه كما روى من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس بخلاف الموقن فإنه لما كانت ثقته بالحق وإعتماده على لطفه وإحسانه مع يقينه بأن الخلق مقهورون مضطرون وأن قلوبهم بيده يتصرف فيها ما يشاء كان صليبا في الدين قايما على اليقين يقول الحق ويأمر به وينهى عن الباطل ويزجر عنه ويفر مما فيه رضى الله وسخط الرب ولا يبالي أن ذلك بوجب سخطهم ومنعهم لعلمه بأن حصول المقاصد ووصول الارزاق من عند الله تعالى.
(ولا يلومهم على ما لم يؤته الله) أي ولا يذمهم على ما لم يؤته الله تعالى من الرزق وهو ما يحتاج إليه وينتفع به في التعيش والبقاء وفي اختصاصه بالحلال أو شموله للحرام أيضا خلاف مذكور في موضعه والنهي عن الذم لوجوده:
الأول: أن ذمهم ظلم لهم لأنهم لم يمنعوه بل الله لم يؤته ما طلب منهم.
الثاني: أن ذمهم ينتهي إلى الله لأنه انما يذم المانع من الإعطاء ولا معطى ولا مانع إلا الله فيرجع الذم إليه.
الثالث: إن ذمه المانع من الخلق شرك لأنها اعتقد أنهم مانع له فذمه فأشرك في المنع مع الله غيره، ألا ترى كيف رده عن هذا الشرك إلى التوحيد وعن الجهل إلى العلم وعن الشك إلى اليقين
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428