أنه يهدى أنفس الناطقة المستضيئة به في ظلمات البشرية والغواشي النفسانية إلى فناء القدس وطريق الجنة.
(وشاهدا لمن خاصم به) الشاهد أعم من البرهان لتناوله الجدل والخطابة مع احتمال إرادة أنه برهان لمن احتج به وشاهد لمن جعله مؤيدا.
(وفلجا لمن حاج به) الفلج بالفتح والسكون الظفر والفوز كالافلاج، والاسم منه الفلج بالضم والسكون وهو الغلبة وجعله فلجا من باب المبالغة لكونه تاما في الغلبة فكأنه نفسها. (وعلما لمن وعاه) اطلاق العلم على الإسلام من باب اطلاق المسبب على السبب لأن الإسلام سبب لحصول العلم لمن وعاه وحفظه وتوقف وعيه وحفظه على قدر من العلم به لا ينافي ذلك لأن العلم به يزداد ويتكامل بالتدريج حتى يبلغ غاية الكمال.
(وحديثا لمن روى) خبرا جديدا مشتملا على المواعظ والنصايح والقصص والاحكام والحدود وغيرها لمن روى، وأخبر، وفيه حث على روايته. وفي السابق على درايته.
(وحكما لمن قضى) أي وجعله حكما زاجرا عن القبائح باعثا على المحاسن لمن أريد القضاء والحكم وهو أصل له.
(وحلما لمن جرب) إطلاق الحكم على الإسلام مجاز من باب اطلاق المسبب على السبب لأن الإسلام سبب لحصول ملكة الحلم لمن جرب الأمور وتفكر في عواقبها وعرف قبح السفه الناشي من طغيان القوة الغضبية وتجاوزها عن الإعتدال. ومن خفة النفس وحركتها إلى ما لا يليق مثل والضرب والبطش والشتم والترفع والتسلط والغلبة وغيرها من المفاسد. (ولباسا لمن تدبر) فان من تفكر فيه وتدبر في أو امره وزواجره وربط نفسه بقوانينه ومعارفه حصلت له حالة متوسطة معتدلة محيطة بباطنه شبيهة باللباس في الإحاطة والشمول والزينة وهي لباس العلم والمعرفة، وأطلق تلك الحالة على الإسلام اطلاقا للمسبب على السبب لأن الإسلام ومعارفه سبب لها.
(وفهما لمن تفطن) الفهم جودة تهيؤ الذهن لقبول ما يريد عليه ولما كان الإسلام والدخول فيه ورياضة النفس بقوانينه لاتصاف الذهن بذلك التهيؤ وقبوله للأنوار العقلية والاسرار الربوبية أطلق لفظ الفهم مجازا اطلاقا لاسم المسبب على السبب.
(ويقينا لمن عقل) لما كان اليقين هو العلم الاستدلالي مع زوال الشك، وكان الإسلام والدخول فيه والتمسك بقوانينه سببا لحصوله أطلق عليه لفظ اليقين مجازا على نحو ما مر. (وبصيرة لمن عزم) أي من عزم على أي أمر من الأمور الدنيوية والأخروية وقصد فعله فان في الإسلام بصيرة لكيفية فعله على الوجه الذي ينبغي وهذا الإطلاق أيضا مثل ما مر.