(أطيعوا الله والرسول وأولى الأمر منكم» وهو مفيد التلازم (فمن ترك طاعة الأمر ولاة الأمر لم يطع الله ولا رسوله) لأن ترك اللازم يوجب ترك الملزوم والحال أن الإقرار بطاعة ولاة أمر (وهو الإقرار بما نزل من عند الله) وهي الآية الكريمة لأن كل من أقربه فقد أقر بالأولين أيضا دون العكس فإن كثيرا من الناس أقروا بالأولين دون الأخير فهم لم يقروا بما نزل من عند الله ثم بالغ في الإقرار بولاة الأمر وحث عليه بقوله (خذوا زينتكم عند كل مسجد) والزينة مطلق ما يتزين به شرعا، ومنه الإقرار والتصديق بولاية الأمر لأنه أعظم ما يتزين به الظاهر والباطن (والتمسوا البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيما أسمه) أي اطلبوها وهي بيوت النبوة والوصاية التي شرفها الله تعلى على بيوتات ساير الأنبياء والأوصياء، ويذكر فيما اسم الله وآياته، كما أشاره إليه بقوله (فإنه قد خبركم أنهم) أي الرسول وولاة الأمر (رجال لا تلهيهم تجارة) أي مطلق الإكتساب (ولا بيع عن ذكر الله) عز وجل (وأقام الصلاة وايتاء الزكاة يخافون يوما) أي عذابه أو شره (تتقلب فيه القلوب والأبصار) ظهر البطن ومن جانب إلى جانب كتقلب الحية على الرمضاء، وذلك لكثرة شدائده وعظمة مصايبه.
قوله: (إن الله قد استخلص الرسل لأمره) «الاستخلاص» رهانيدن خواستن ورهانيده خواستن وپاك شدن خواستن، وكان النذر بضمتين جمع النذير، وأن المراد به على بن أبي طالب وولاة الأمر بعده. أن جعل الرسول خالصين لأمره فارغين عما عداه بالمجاهدات النفسانية والتأييدات الربانية ثم جعلهم خالصين من باب التأكيد حال كونهم مصدقين لأجل خلوصهم في نذره أي في وصف الأولياء وتعيين الأوصياء (فقال «وإن من أمة إلا خلا فيها نذير») فكيف يجوز أن لا يكون في هذه الأمة نذير منصوب من قبل الله وقبل رسوله، وفيه رد على من جعل الكفرة صاحبين للخلافة قابلين للنيابة (تاه) أي تحير في الدين وضل الطريق من جهل النذير واهتدى من أبصره وعقله.
قوله: (إن الله عز وجل يقول: «فإنها لا تعمى الأبصار») فيه تسهيل لأول وتقبيح للثاني، وإشارة إلى أن السبب الجهل ذهاب البصيرة وابطال القوة القلبية التي بها تدرك الصور الحقة والأسرار الإلهية وابطالها يتحقق تارة بعدم التفكر والتدبر، وأخرى بمتابعة القوة الشهوية والغضبية حتى ينزل في الدرجة الحيوانية.
قوله: (كيف يهتدى من لم يبصر وكيف يبصر من لم ينذر) إشارة إلى أن الهداية إلى الدين بدون البصيرة والبصيرة بدون هداية الهادي وإرشاد المنذر محال ولذلك أمر باتباع الرسول الأئمة الهداة بعده فقال (اتبعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأقروا بما نزل من عند الله) ومنه طاعة ولاة الامر (واتبعوا آثار