(وآية لمن توسم) أي من تفرس طرق الخير الموصلة إلى الحق ومقاصده التي ترشد إلى ساحة القدس فان الإسلام آية وعلامة لذلك المتفرس المتوسم فإذا اهتدى بها سلك طريق مهدي. ( وعبرة لمن اتعظ) عبرت اعتبار گرفتن پند گرفتن، ومتع پند گيرنده وذلك ظاهر لأن في الاسلام عبرة للمعتبر وعظة للمتعظ لما فيه من أخبار القرون الخيالية وأحوال الأيام الماضية وكيفية تصرف الزمان بهم وجريان القضاء فيهم مثل قوم فرعون وعاد وثمود وقوم نوح وصالح وهود وغيرهم ممن لا يحصى كثرة.
(ونجاة لمن صدق) فان الإسلام سبب لنجاة من صدق الرسول فيما جاء به ودخل فيه من القتل والأسر والنهب والأذى في الدنيا، ومن العذاب والعقوبة في الآخرة، والإطلاق فيه وفيما سبق مثل ما مر. (وتؤده لمن أصلح) التؤده - بضم التاء وسكون الهمزة وفتحها - الرزانة والتأنى وذلك ظاهر لأن من أصلح بقواعد الإسلام وتبع حكمه كان الإسلام سببا لتأنيه ورزانته. (وزلفى لمن اقترب) زلفى نزديك شدن يعني أن الإسلام سبب القرب من الله لكل من اقترب اليه، والحاصل أن كل من اقترب فسبب قربه هو الإسلام باعتبار التمسك بذيله، والعمل بقوانينه.
(وثقة لمن توكل) أي هو سبب ثقة واعتماد لمن توكل على الله لاشتماله على الوعد الصادق من يتوكل على الله فهو حسبه وغير ذلك وهو يوجب زيادة استعداد للتوكل. (ورخاء لمن فوض) أي هو رخاء سهل غير صعب لمن فوض فعله اليه ولم يتكلف فان الإسلام ملة سمحة سهلة. وقيل من ترك البحث والإستقصاء من الدليل فتمسك باحكام الإسلام ودلائل القرآن والسنة المتداولة بين أهله، وفوض أمره اليه استراح بذلك التفويض ولا يقع في تعصب، وقيل: المراد أن المسلم إذا كمل اسلامه وفوض أمره إلى الله كفاه في جميع الأمور وأراحه من الاهتمام بها. (وسبقة لمن أحسن) السبقة والسبق بفتحتين الخطر وهو ما يتراهن عليه المتسابقان أي الإسلام خطر لمن أحسن إلى أهله أو لمن أحسن صحبته، أو لمن أحسن العمل فيه، أو الأعم من الجميع وبالجملة هو نصيب للمحسن وكأن غير المحسن ليس له نصيب فيه.
(وخيرا لمن سراع) الخير ما ينفع في الدنيا والآخرة، والإسلام خير لمن سارع اليه لأنه ينفعه فيهما. (وجنة لمن صبر) استعار لفظ الجنة للاسلام لأنه يحفظ من صبر على العمل بقواعده وأركانه من العقوبة الدنيوية والأخروية كما أن الجنة تحفظ صاحبها من شر الأعادى وعقوبتهم. (ولباسا لمن اتقى) فان من التقى الله حق تقاته واجتنب عما يضر في الآخرة من محرماته ومكروهاته وترك واجباته حصلت له حالة معتدلة محيطة بظاهره، وسمى تلك الحالة الشبيهة باللباس في الإحاطة والشمول والزينة اسلاما مجازا تسمية للمسبب باسم السبب، لأن تلك الحالة حصلت بسبب