فإن قلت: " هدا " يائي وقد كتب في جميع النسخ بالألف، فما وجهه؟
قلت: اليائي إذا اتصل بالضمير كتب ألفا على حاله. وحيث كان العائد إلى الموصول مقدرا بعده والمقدر في حكم الملفوظ أعطي حكمه في عدم كتبته بالياء، هذا ما تيسر لي في التوجيه في هذا المقام؛ والله أعلم.
قوله (عليه السلام): فإني لأعلم أن العلم لا يأرز كله [ص 339 ح 13] يقال: أرز الشيء: إذا تقبض واجتمع بعد انبساطه، والمعنى: وإني لأعلم أن العلم كله لا ينضم ولا يجتمع، بل لابد في كل عصر من مجتهد ينشر علوم أهل بيت النبوة زمن غيبة الإمام (عليه السلام).
" ولا تنقطع مواده " مادة كل شيء ما يستمد ذلك الشيء منه، والمراد بالمواد هنا أئمة الهدى (عليهم السلام)، أي إني لأعلم أن حجج الله لا تنقطع وأنك لا تخلي أرضك من حجة " الحديث ".
قوله (عليه السلام): ولابد له في غيبته من عزلة إلخ [ص 340 ح 16] غيبة الإمام (عليه السلام) قد تكون مع العزلة وقد تكون بدونها، كما في مدة السفراء بينه وبين أوليائه فأخبر (عليه السلام) أنه " لابد لصاحب الأمر في غيبته من عزلة "، أي من انقطاع عن الخلق حتى السفراء؛ لمصلحة اقتضتها الحكمة، فحيث أخبر عن عزلته (عليه السلام) خاف صلوات الله عليه عن ضعفاء الاعتقاد من الشيعة فقال: " نعم المنزل طيبة وما بثلاثين من وحشة "، موهما أن منزله في تلك الحال سيكون طيبة، وأن غيبته لا تزيد على ثلاثين، حاذفا للتمييز، ليقدره كل إنسان بحسب ما يقتضيه حاله مع خلوص الكلام عن وصمة الكذب، وإلى هذا المعنى يشير الكاظم صلوات الله عليه في [الحديث 6 من] باب كراهية التوقيت بقوله: الشيعة تربى بالأماني منذ مئتي سنة، وقال علي بن يقطين " ره ": لو قيل لنا: إن هذا الأمر يكون مئتي سنة أو ثلاثمئة سنة لقست القلوب ولرجع عامة الناس عن الإسلام؛ ولكن قالوا: ما أسرعه وما أقربه تأليفا للقلوب