والباطل وما يكون في تلك السنة، وله فيه البداء والمشيئة يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء من الآجال والأرزاق والبلايا والأعراض والأمراض، ويزيد فيها ما يشاء وينقص ما يشاء، ويلقيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه، ويلقيه أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الأئمة (عليهم السلام) حتى ينتهي ذلك إلى صاحب الزمان صلوات الله عليه، ويشترط له في البداء (1) والمشيئة والتقديم والتأخير " انتهى (2).
فما في الحديث من الأمر بالمخاصمة بها إشارة إلى هذا.
قوله (عليه السلام): يا معشر الشيعة، يقول الله تبارك وتعالى (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) (3) [ص 249 ح 6] اعلم أنه (عليه السلام) هداهم إلى ثلاث طرق من طرق الاستدلال على وجود حجة من الله سبحانه على عباده بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال في الثالث: وإن من أمة إلا خلا فيها نذير، فكأنه قال: وهذه أمة فما بالها بغير نذير؟ فقيل له: نذيرها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال أبو جعفر (عليه السلام) لذلك القائل على طريقة الاستفهام التقريري: " فهل كان نذير وهو حي من البعثة "، أي من ابتداء بعثته (عليه السلام) إلى حين انقضاء أجله " في أقطار الأرض "، أي لم يكن، والغرض منه أنه إنما كان نذير هذه الأمة وكانت مستغنية به حيث كان حيا؛ ولهذا لم يكن نذير سواه في هذه الأمة وهو حي، أما بعده فلا استغناء به عن النذير، وحيث رأى صلوات الله عليه السائل متطلعا إلى استعلام أنه كيف يكون نذير بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع أنه خاتم الرسل قال له: " أرأيت بعيثه "، أي بعيث رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أي مبعوثه، " أليس " هو " نذيره " إلى الأمة بعده " كما أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بعثته من الله عز وجل نذير " بعد من مضى من النذر. " قال " السائل: " بلى، قال " أبو جعفر (عليه السلام):