ولكن لا أرى لي صلاحا في الخروج معك، فإنه إن كان لله في الأرض حجة إلى آخره، وفي هذا دليل على أنه لم يكن خروجه (رضي الله عنه) لطلب الإمامة لنفسه.
ويحتمل أن يكون المراد بقوله: " إنما هي نفس واحدة "، أن الحجة لله على خلقه واحد وهو غيرك، " فإن كان لله في الأرض حجة " إلخ وهذا أصرح في أنه لم يكن يدعي الإمامة لنفسه وإلا يبحث معه فيها؛ بل لم يواجهه بذلك، وقد جاء عن الرضا صلوات الله عليه ما هو نص في ذلك كما رواه الصدوق (رضي الله عنه) في كتاب عيون أخبار الرضا من قوله في رواية طويلة: " ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر (عليه السلام) أنه سمع أباه جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: رحم الله عمي زيدا إنه دعا إلى الرضا من آل محمد، ولو ظفر لوفى بما دعا إليه، ولقد استشارني في خروجه فقلت له: يا عم، إن رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشأنك، فلما ولى قال جعفر بن محمد (عليه السلام): ويل لمن سمع واعيه (1) فلم يجبه ".
وقال الصدوق (رضي الله عنه) بعد رواية هذا الحديث: " قال محمد بن علي بن الحسين مصنف هذا الكتاب: لزيد بن علي (عليه السلام) فضائل كثيرة عن غير الرضا (عليه السلام) أحببت إيراد بعضها على إثر هذا الحديث ليعلم الناظر في كتابنا هذا اعتقاد الإمامية فيه ". (2) ثم أورد عدة أحاديث تدل على حسن اعتقاده وعلو شأنه وفضله، فعلى هذا ينبغي للناظر في هذا الحديث وأمثاله مما سيأتي في شأن زيد مما فيه بحسب الظاهر على زيد بعض المذمة، أن يحمله على محامل صحيحة يزول بها الطعن عليه، فإنه (رضي الله عنه) كان كما قال الرضا (عليه السلام): " من علماء محمد، غضب لله عز وجل فجاهد أعداءه حتى قتل في سبيله (رضي الله عنه) ".