صحيح إلا أنه لا حجة لهم فيه إذا أضيف إلى الثابت من فعله عليه السلام في التغليس، حتى إنه لينصرف والنساء لا يعرفن، أو حين يعرف الرجل وجه جليسه الذي كان يعرفه، وأن هذا كان المداوم عليه من عمله عليه السلام: صح أن الاسفار المأمور به إنما هو بان ينقضي طلوع الفجر ولا يصلى على شك منه * فان قيل: إنه لا أجر في غير هذا، بل ما فيه إلا الاثم، قلنا: هذا لا ينكر في لغة العرب، لان الله تعالى يقول: (ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم) ولا خير في خلاف ذلك. ومن الباطل أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلف أمته وأصحابه المشقة في ترك النوم ألذ ما يكون، وخروج الرجال والنساء إلى صلاة الصبح: عملا فيه مشقة وكلفة وحطيطة من الاجر، ويمنعهم الفضل والاجر مع الراحة، حاش لله تعالى من هذا، فهذا ضد النصيحة، وعين الغش والحرج والظلم * وما ندريهم تعلقوا في هذا إلا برواية عن ابن مسعود في التغليس بصلاة الصبح حين انشق الفجر يوم النحر، وقوله رضي الله عنه: انها صلاة حولت عن وقتها في ذلك اليوم في ذلك المكان (1) وهذا خبر مسقط لقولهم جملة، لأنهم مخالفون له جملة، إذ قولهم الذي لا خلاف عنهم فيه أن التغليس بها في أول الفجر ليس صلاة لها في غير وقتها، بل هو وقتها عندهم فمن أضل ممن يموه بحديث هو مخالف له، ويوهم خصمه أنه حجة له * وأما قولهم في اختيار (2) تأخير العصر فقول مخالف للقرآن في المسارعة إلى الخير ولجميع السنن ولجميع السلف، وللقياس على قوله في صلاة الظهر والمغرب *
(١٨٩)