ولما بلغ شهريار وهو مقيم في وجه الروم مقتل كسرى أقبل في جنوده حتى ورد المدائن، وقد مات شيرويه وملك ابنه شيرزاد، فاغتصب الأمر، ودخل المدائن، فقتل كل من مالأ على قتل كسرى وخلعه، وقتل شيرزاد وحاضنه، وتولى أمر الملك، ودعا نفسه ملكا، وذلك في العام الثاني عشر من التاريخ (الهجري).
فلما تم لملك شهريار حول أنف عظماء أهل المملكة من أن يلي ملكهم من ليس من أهل بيت المملكة، فوثبوا عليه فقتلوه، وملكوا عليهم جوان شير ابن كسرى، وكان طفلا، وأمه كردية أخت بهرام شوبين، فملك حولا، ثم مات.
فملكوا عليهم بوران بنت كسرى، وذلك أن شيرويه لم يدع من إخوته أحدا إلا قتله، خلا جوان شير فإنه كان طفلا، فعند ذلك وهى سلطان فارس وضعف أمرهم، وفلت شوكتهم.
(حروب العرب مع العجم) قالوا: فلما أفضى الملك إلى بوران بنت كسرى بن هرمز شاع في أطراف الأرضين أنه لا ملك لأرض فارس، وإنما يلوذون بباب امرأة، فخرج رجلان من بكر بن وائل، يقال لأحدهما المثنى بن حارثة الشيباني، والآخر سويد بن قطبة العجلي، فأقبلا حتى نزلا فيمن جمعا بتخوم أرض العجم، فكانا يغيران على الدهاقين، فيأخذان ما قدرا عليه، فإذا طلبا أمعنا في البر فلا يتبعهما أحد، وكان المثنى يغير من ناحية الحيرة، وسويد من ناحية (الأبلة) (1) وذلك في خلافة أبي بكر، فكتب المثنى بن حارثة إلى أبي بكر رضي الله عنه يعلمه ضراوته بفارس، ويعرفه وهنهم، ويسأله أن يمده بجيش.
فلما انتهى كتابه إلى أبي بكر رضي الله عنه كتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد،