وقد كان فرغ من أهل الردة، أن يسير إلى الحيرة فيحارب فارس، ويضم إليه المثنى ومن معه، وكره المثنى ورود خالد عليه، وكان ظن أن أبا بكر (سيوليه) الأمر، فسار خالد والمثنى بأصحابهما، حتى أناخا على الحيرة، وتحصن أهلها في القصور الثلاثة.
ثم نزل عمرو بن بقيلة، وحديثه مع خالد، وأنه وجد معه شيئا من البيش (1) فاستفه (2) على اسم الله ولم يضره ذلك معروف، ثم صالحوه من القصور الثلاثة على مائة ألف درهم يؤدونها في كل عام إلى المسلمين ثم ورد كتاب أبي بكر على خالد مع عبد الرحمن جميل الجمحي، يأمره بالشخوص إلى الشام ليمد أبا عبيدة بن الجراح بمن معه من المسلمين، فمضى، وخلف بالحيرة عمرو بن حزم الأنصاري مع المثنى، وسار على الأنبار، وانحط على عين التمر (3)، وكان بها مسلحة لأهل فارس، فرمى رجل منهم عمرو بن زياد بن حذيفة بن هشام بن المغيرة بنشابة، فقتله، ودفن هناك.
وحاصر خالد أهل عين التمر حتى استنزلهم بغير أمان، فضرب أعناقهم، وسبى ذراريهم، ومن ذلك السبي أبو محمد بن سيرين وحمران بن أبان مولى عثمان بن عفان، وقتل فيها خالد خفيرا كان بها من العرب يسمى هلال بن عقبة، وصلبه، وكان من النمر بن قاسط، ومر بحي من بني تغلب والنمر، فأغار عليهم، فقتل وغنم حتى انتهى إلى الشام. ولم يزل عمرو بن حزم والمثنى بن حارثة يتطرفان أرض السواد ويغيران فيها حتى توفي أبو بكر (4) رضي الله عنه.