فقد منع من القران فلا يتغير بخروجه من الميقات، كذا في العناية. وقول المحبوبي: هو الصحيح، نقله الشيخ الشلبي عن الكرماني شرنبلالية، وإنما قيد بالقران لأنه لو اعتمر هذا المكي في أشهر الحج من عامه لا يكون متمتعا لأنه ملم بأهله بين النسكين حلالا إن لم يسق الهدي، وكذا إن ساق الهدي لا يكون متمتعا، بخلاف الآفاقي إذا ساق الهدي ثم ألم بأهله محرما كان متمتعا لان العود مستحق عليه فيمنع صحة إلمامه. وأما المكي فالعود غير مستحق عليه وإن ساق الهدي فكان إلمامه صحيحا، فلذا لم يكن متمتعا، كذا في النهاية عن المبسوط. قوله: (ولو قرن أو تمتع جاز وأساء الخ) أي صح مع الكراهة للنهي عنه، وهذا ما مشى عليه في التحفة وغاية البيان والعناية والسراج وشرح الأسبيجابي على مختصر الطحاوي.
واعلم أنه في الفتح ذكر إن قولهما لا تمتع ولا قران لمكي يحتمل نفي الوجود، ويؤيده أنهم جعلوا الإلمام الصحيح من الآفاقي مبطلا تمتعه والمكي ملم بأهله فيبطل تمتعه. ويحتمل نفي الحل بمعنى أنه يصح لكنه يأثم به للنهي عنه، وعليه فاشتراطهم عدم الإلمام لصحة التمتع بمعنى أنه شرط لوجوده على الوجه المشروع الموجب شرعا للشكر، وأطال الكلام في ذلك.
والذي حط عليه كلامه اختيار الاحتمال الأول لأنه مقتضى كلام أئمة المذهب، وهو أولى بالاعتبار من كلام بعض المشايخ: يعني صاحب التحفة وغيره، بل اختار أيضا مع المكي من العمرة المجردة في أشهر الحج وإن لم يحج، وهو ظاهر عبارة البدائع، وخالفه من بعده كصاحب البحر والنهر والمنح والشرنبلالي والقاري، واختاروا الاحتمال الثاني، لان إيجاب دم الجبر فرع الصحة، ولما في المتون في باب إضافة الاحرام إلى الاحرام من أن المكي إذا طاف شوطا للعمرة فأحرم بحج رفضه، فإذا لم يرفض شيئا أجزأه. قال في الفتح وغيره: لأنه أدى أفعالهما كما التزمهما، إلا أنه منهي والنهي عن فعل شرعي لا يمنع تحقق الفعل على وجه مشروعية الأصل، غير أنه يتحمل إثمه كصيام يوم النحر بعد نذره اه. فهذا يناقض ما اختاره في الفتح أولا: أي فإن هذا تصريح بأنه يتصور قران المكي لكن مع الكراهة، وتمامه في الشرنبلالية.
أقول: وقد كنت كتبت على هامشها بحثا حاصله أنهم صرحوا بأن عدم الإلمام شرط لصحة التمتع دون القران، وأن الإلمام الصحيح مبطل للتمتع دون القران، ومقتضى هذا أن تمتع المكي باطل لوجود الإلمام الصحيح بين إحراميه سواء ساق الهدي أو لا، لان الآفاقي إنما يصح إلمامه إذا لم يسق الهدي وحلق، لأنه لا يبقى العود إلى مكة مستحقا عليه، والمكي لا يتصور منه عدم العود إلى مكة لكونه فيها كما صرح به في العناية وغيرها.
وفي النهاية والمعراج عن المحيط أن الإلمام الصحيح أن يرجع إلى أهله بعد العمرة، ولا يكون العود إلى العمرة مستحقا عليه، ومن هذا قلنا: لا تمتع لأهل مكة وأهل المواقيت اه. أي بخلاف القران فإنه يتصور منهم لان عمد الإلمام فيه ليس بشرط، ولعل وجهه أن القران المشروع ما يكون بإحرام واحد للحج والعمرة معا، والإلمام الصحيح ما يكون بين إحرام العمرة وإحرام الحج، وهذا يكون في التمتع دون القران، فمن هذا قلنا: إن تمتع المكي باطل دون قرانه، هذا قول ثالث لم أر من صرح به، لكن يدل عليه تصريح البدائع بعدم تصور تمتع المكي. وأما قوله في