وذكر في اللباب: مثل الثلاثة ما لو حلق الصدر أو الساق أو الركبة أو الفخذ أو العضد أو الساعد فعليه دم، وقيل صدقة. وإن حلق أقله فصدقة، ولا يقوم الربع منها مقام الكل اه. قال شارحه:
يشير بقوله وقيل صدقة إلى ما في المبسوط: متى حلق عضوا مقصودا بالحلق فعليه دم، وإن حلق ما ليس بمقصود فصدقة.. ثم قال: ومما ليس بمقصود حلق شعر الصدر والساق، ومما هو مقصود حلق الرأس والإبطين، ومثله في البدائع والتمرتاشي. وفي النخبة: وما في المبسوط هو الأصح.
قال ابن الهمام: إنه الحق اه.
والحاصل أن كل واحد من الثلاثة: أعني الإبط أو العانة والرقبة مقصود بالحلق وحده فيجب به دم، لكن لا يقوم ربعه مقام كله لما مر، بخلاف الصدر والساق ونحوهما فيجب بهما صدقة. قال في الفتح: لان القصد إلى حلقهما إنما هو في ضمن غيرهما، إذ ليست العادة تنوير الساق وحده بل تنوير المجموع من الصليب إلى القدم، فكان بعض المقصود بالحلق. قال في البحر: فعلى هذا فالتقييد بالثلاثة للاحتراز عن الصدر والساق مما ليس بمقصود.
واعلم أن المتفرق من الحلق يجمع كالطيب، فلو حلق ربع رأسه من مواضع متفرقة فعليه دم.
لباب. وسيأتي أن في حلق الشارب صدقة.
تنبيه: ذكر الحلق في الإبطين تبعا للجامع الصغير إيماء إلى جوازه، وإن كان النتف هو السنة، ولذا عبر به في الأصل.
واختلف في المسنون في الشارب، هل هو القص أو الحلق؟ والمذهب عند بعض المتأخرين من مشايخنا أنه القص. قال في البدائع: وهو الصحيح. وقال الطحاوي القص حسن، والحلق أحسن، وهو قول علمائنا الثلاثة. نهر. قال في الفتح: وتفسير القص أن ينقص حتى ينتقص عن الإطار، وهو بكسر الهمزة: ملتقي الجلدة واللحم من الشفة، وكلام صاحب الهداية على أن يحاذيه اه. وأما طرفا الشارب وهما السبالان، فقيل هما منه، وقيل من اللحية، وعليه فقيل لا بأس بتركهما، وقيل يكره لما فيه من التشبه بالأعاجم وأهل الكتاب، وهذا أولى بالصواب، وتمامه في حاشية نوح. ورجح في البحر ما قاله والطحاوي، ثم قال: وإعفاء اللحية: أي الوارد في الصحيحين تركها حتى تكث وتكثر، والسنة قدر القبضة، فما زاد قطعه اه. وتمامه فيما علقناه عليه، ومر بعض ذلك في كتاب الصوم، وأما العانة، ففي البحر عن النهاية أن السنة فيها الحلق، لما جاء في الحديث: عشر من السنة منها الاستحداد وتفسيره حلق العانة بالحديد. قوله: (كحلق إبطيه في مجلسين) كون ذلك من اتحاد المحل، بخلاف قص أظفار اليدين مشكل، ومع هذا فلا رواية فيه كما ذكره في العناية: أي بل هو من تخريج بعض مشايخ المذهب إن كان أحد نقل أن فيه دما واحدا كما هو مقتضى صنيع الشارح، ولم أر من صرح بذلك.
وأجاب في العناية عن الاشكال على تقدير ثبوت الرواية بأن ثمت ما يوجب اتحاد المحال وهو التنوير، فإنه لو نور جميع البدن لم تلزمه إلا كفارة واحدة، والحلق مثل التنوير، وليس في صورة النزاع: أي مسألة القص ما يجعلها كذلك اه. وفيه أن القص كذلك، على أنه يلزم منه أنه لو تعدد محل الحلق واختلف المجلس يجب فيه كفارة مع أنه يجب لكل مجلس موجب جنايته كما صرح به في