الصوم والصدقة في نحو ما لو قتل عصفورا. وفي الهداية: وكل صدقة في الاحرام غير مقدرة فهي نصف صاع من بر، إلا ما يجب بقتل القملة الجرادة اه. زاد الشرح: أو بإزالة شعرات قليلة. لكن أراد بالصدقة هنا الأعم بدليل قوله في شرح الملتقى أو صدقة ولو ربع صاع بقتل حمامة أو تمرة بقتل جرادة. قوله: (ففصلها) أي فلما اختلفت أنواعه فصلها ط فالفاء تفريعية. قوله: (الواجب دم) فسره ابن ملك بالشاة، وأشار في البحر إلى سره بقوله: إن سبع البدنة لا يكفي في هذا الباب، بخلاف دم الشكر، لكن قال بعده: فيما لو أفسد حجه بجماع في أحد السبيلين أنه يقوم الشرك في البدنة مقام الشاة، فليتأمل. اه شرنبلالية.
قلت: وفي أضحية القهستاني: لو ذبح سبعة عن أضحية ومتعة وقران وإحصار وجزاء الصيد أو الحلق والعقيقة والتطوع فإنه يصح في ظاهر الأصول. وعن أبي يوسف: الأفضل أن تكون من جنس واحد، فلو كانوا متفرقين، وكل واحد متقرب جاز، وعن أبي يوسف أنه يكره كما في النظم. اه ثم رأيت بعض المحشين قال: وما فالبحر مناقض لما ذكره وهو في باب الهدي أن سبع البدنة يجزي، وكذلك أغلب كتب المذهب والمناسك مصرخة بالاجزاء اه. فافهم.
تنبيه: في شرح النقاية للقاري: ثم الكفارات كلها واجبة على التراخي، فيكون مؤديا في أي وقت، وإنما يتضيق عليه الوجوب في آخر عمره في وقت يغلب على ظنه أنه لو لم يؤده لفات، فإن لم يؤد فيه حتى مات أثم وعليه الوصية به، ولو لم يوص لم يجب على الورثة، ولم تبرعوا عنه جاز إلا الصوم. قوله: (ولو ناسيا الخ) قال في اللباب: ثم لا فرق في وجوب الجزاء بين ما إذا جنى عامدا أو خاطئا، مبتدئا أو عائدا، ذاكرا أو ناسيا، عالما أو جاهلا طائعا أو مكرها، نائما أو منتبها، سكران أو صاحيا، مغمى عليه أو مفيقا، موسرا أو معسرا بمباشرته أو مباشرة غيره بأمره.
قال شارحه القاري: وقد ذكر ابن جماعة عن الأئمة الأربعة أنه إذا ارتكب محظور الاحرام عامدا يأثم، ولا تخرجه الفدية والعزم عليها عن كونه عاصيا. قال النووي: وربما ارتكب بعض العامة شيئا من هذه المحرمات وقال: أنا أفدي، متوهما أنه بالتزام الفداء يتخلص من وبال المعصية، وذلك خطأ صريح وجهل قبيح، فإنه يحرم عليه الفعل، فإذا خالف أثم ولزمته الفدية وليست الفدية مبيحة للاقدام على فعل المحرم وجهالة هذا كجهالة من يقول: أنا أشرب الخمر وأزني والحد يطهرني، ومن فعل شيئا مما يحكم بتحريمه فقد أخرج حجه من أن يكون مبرورا اه. وقد صرح أصحابنا بمثل هذا في الحدود فقالوا: إن الحد لا يكون طهرة من الذنب ولا يعمل في سقوط الاثم، بل لا بد من التوبة، فإن تاب كان الحد طهرة له وسقطت عنه العقوبة الأخروية بالاجماع، وإلا فلا، لكن قال صاحب الملتقط في كتاب الايمان: إن الكفارة ترفع الاثم وإن لم توجد منه التوبة من تلك الجناية اه. ويؤيده ما ذكره الشيخ نجم الدين النسفي في تفسيره - التيسير - عند قوله تعالى: * (فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم) (البقرة: 871) أي اصطاد بعد هذا الابتداء (1)، قيل هو العذاب في الآخرة مع