الكفارة في الدنيا إذا لم يتب منه فإنها لا ترفع الذنب عن المصر اه. وهذا تفصيل حسن وتقييد مستحسن يجمع به بين الأدلة والروايات، والله أعلم اه: أي فيحمل ما في الملتقط على غير المصر وما في غيره على المصر، وقد ذكر هذا التوفيق العلامة نوح في حاشية الدرر.
تتمة: يستثنى من الاطلاق المار في وجوب الجزاء ما في اللباب: لو ترك شيئا من الواجبات بعذر لا شئ عليه ما في البدائع. وأطلق بعضهم وجوبه فيها إلا فيما ورد النص به، وهي ترك الوقوف بمزدلفة وتأخير طواف الزيارة عن وقته، وترك الصدر للحيض والنفاس، وترك المشي في الطواف والسعي، وترك السعي، وترك الحلق لعلة في رأسه اه. لكن ذكر شارحه ما يدل على أن المراد بالعذر ما لا يكون من العباد حيث قال عند قول اللباب: ولو فاته الوقوف بمزدلفة بإحصار فعليه دم: هذا غير ظاهر لان الاحصار من جملة الاعذار، إلا أن يقال: ولو فاته الوقوف بمزدلفة بإحصار فعليه دم: هذا غير ظاهر لان الاحصار من جملة الاعذار، إلا أن يقال: إن هذا مانع من جانب المخلوق فلا يؤثر، ويدل له ما في البدائع فيمن أحصر بعد الوقوف حتى مضت أيام النحر ثم خلى سبيله أن عليه دما لترك الوقوف بمزدلفة ودما لترك الرمي ودما لتأخير طواف الزيارة اه. ومثله في إحصار البحر، وسيأتي توضيحه هناك إن شاء الله تعالى. قوله: (فيجب) تفريع على ما يفهم من المقام من عدم اشتراط الاختيار الذي أفاده ذكر الناسي والمكروه، ووجه الوجوب أن الارتفاق حصل للنائم وعدم الاختيار أسقط الاثم عنه، كما إذا أتلف شيئا. منح ط. قوله: (غطى رأسه) بالبناء للفاعل أو المفعول. قوله: (إن طيب) أي المحرم عضوا أي من أعضائه كالفخذ والسابق والوجه والرأس لتكامل الجناية بتكامل الارتفاق، والطيب جسم له رائحة مستلذة كالزعفران والبنفسج والياسمين ونحو ذلك، وعلم من مفهوم شرطه أنه لو شم طيبا أو ثمارا طيبة لا كفارة عليه وإن كره، وقيد بالمحرم لان الحلال لو طيب عضوا ثم أحرم فانتقل منه إلى آخر فلا شئ عليه اتفاقا، وقيدنا بكونه من أعضائه لأنه لو طيب عضو غيره أو ألبسه المخيط منه فلا شئ عليه إجماعا كما في الظهيرية. نهر. قوله: (كاملا) لان المعتبر الكثرة. قال ابن الكمال في شرح الهداية: واختلف المشايخ في الحد الفاصل بين القليل والكثير لاختلاف عبارات محمد، ففي بعضها جعل حد الكثرة عضوا كبيرا، وفي بعضها في تنفس الطيب، فبعضهم اعتبر الأول، وبعضهم اعتبر الثاني فقال: إن بحيث يستكثره الناظر كالكفين من ماء الورد والكف من مسك وغالية فهو كثير، وما لا فلا.
وبعضهم اعتبر الكثرة بربع العضو الكبير فقال: لو طيب ربع الساق أو الفخذ يلزم الدم، وإن كان أقل يلزم الصدقة. وقال شيخ الاسلام: إن كان الطيب في نفسه قليلا فالعبرة للعضو الكامل، وإن كان كثيرا لا يعتبر العضو (1) ا ه ملخصا. وهذا توفيق بين الأقوال الثلاثة، حتى لو طيب بالقليل عضوا كاملا أو بالكثير ربع عضو لزم الدم وإلا فصدقة، وصححه في المحيط. وقال في الفتح: إن التوفيق هو التوفيق، ورجح في البحر الأول وهو ما في المتون، فافهم.