خطب بنفسه، لان الخطبة هناك كانت ممن له ولايتها كما قدمناه. قوله: (إلا إذا اقتدى به من له ولاية الجمعة) شمل الخطيب المأذون، وذلك لان الاقتداء به إذن دلالة، بخلاف ما لو حضر ولم يقتد، وعليه تحمل عبارة الخانية السابقة، ثم إذا كان حضوره بدون اقتداء لم يعتبر إذنا، يفهم منه أنه لا تجوز خطبة غيره بلا إذن بالأولى، خلافا لمن فهم منه الجواز أفاده ط. قوله: (ويؤيد ذلك إلخ) أي يؤيد الجواز إذا اقتدى به بناء على أن اقتداءه به دليل الاذن، لأنهم وإن نووها جمعة لكن بدون شرطها تنعقد نفلا، فلو لم يكن اقتداؤه إذنا يلزم أن لا يكون مؤديا معهم النفل بجماعة وهو غير جائز، وفعل المسلم إنما يحمل على الكمال فيكون اقتداؤه إجازة لفعله، لان الإجازة اللاحقة كالاذن السابق، ونظيره إذا أجاز نكاح الفضولي بالفعل يجوز، ومجرد حضوره وسكوته وقت العقد لا يدل على الرضاء، فافهم. قوله: (مات والي مصر) وكذا لو لم يحضر بسبب الفتنة. بدائع. قوله: (فجمع) بتشديد الميم: أي صلى الجمعة خليفته: أي من عهد إليه قبل موته، أو المراد من كان يخلفه ويقوم مقامه إذا غاب، أو من إقامة أهل البلد خليفة بعده إلى أن يأتيهم وال آخر. قوله: (أو صاحب الشرط) جمع شرطي كتركي وجهني. قاموس. وفي المغرب: الشرطية بالسكون والحركة: خيار الجند وأول كتيبة تحضر الحرب، والجمع شرط وصاحب الشرطة. في باب الجمعة يراد به أمير البلدة كأمير بخارى، وقيل هذا على عادتهم لان أمور الدين والدنيا كانت حينئذ إلى صاحب الشرطة، فأما الآن فلا اه. قوله: (أو القاضي المأذون له في ذلك) قيد به لما في الخلاصة: ليس للقاضي إقامتها إذا لم يؤمر ولصاحب الشرط وإن لم يؤمر، وهذا في عرفهم. قال في الظهيرية: أما اليوم فالقاضي يقيمها، لان الخلفاء يأمرون بذلك، قيل أراد به قاضي القضاة الذي يقال له قاضي الشرق والغرب، فأما في زماننا فالقاضي وصاحب الشرط لا يوليان ذلك اه.
قال في البحر: وعلى هذا فلقاضي القضاة بمصر أن يولي الخطباء ولا يتوقف على إذن، كما أن له أن يستخلف للقضاء وإن لم لم يؤذن له، مع أن القاضي ليس له الاستخلاف إلا بإذن السلطان، لان تولية قاضي القضاة إذن بذلك دلالة كما صرح به الفتح، ولا يتوقف ذلك على تقرير الحاكم المسمى بالباشا، لكن في التجنيس أن في إقامة القاضي روايتين، وبرواية المنع يفتى في ديارنا إذا لم يؤمر به ولم يكتب في منشوره. ويمكن حمل ما في التجنيس على ما إذا لم يول قاضي القضاة، أما إن ولى أغنى هذا اللفظ عن التنصيص عليه. نهر. قوله: (فلقاضي القضاة بالشام إلخ) أخذه من كلام البحر كما علمت، لكن فيه أن قاضي القضاة (1) الذي له ذلك هو قاضي المشرق والمغرب كما مر عن الظهيرية، وأما قاضي الشام ومصر فإن ولايته مستمدة من ذلك القاضي العام، وكونه مأذونا بالاستخلاف: أي استخلاف نواب عنه في بلدة وتوابعها لا يلزم منه إذن بإقامة الجمعة، بخلاف ذاك القاضي للعام الذي أذن له السلطان بإقامة مصالح الدين ونصب القضاة في سائر البلدان، ولذا يسمى قاضي القضاة، ويدل على ذلك أنه جرت العادة في هذه الدولة العثمانية أن كل من تولى خطابة لا