المأمور من العوارض المانعة من إقامتها كمرض وحدث كما في البدائع. قوله: (ولا كذلك القضاء) فإنه يحصل في أي وقت كان، فلم يكن الامر به إذنا بالاستخلاف دلالة. قوله: (كل من ملك إلخ هو صريح في جواز استنابة الخطيب مطلقا أو كالصريح. بحر. قوله: (النجعة) بضم النون وسكون الجيم: طلب الكلأ في موضعه. قاموس. وهي هنا علم لكتاب ح. قوله: (لابن جرباش) بضم الجيم والراء ح وهو أحد شيوخ مشايخ صاحب البحر. قوله: (إنما يشترط الاذن إلخ) حاصله أن الاذن من السلطان إنما يشترط في أول مرة، فإذا أذن بإقامتها لشخص كان له أن يأذن لغيره وذلك الغير له أن يأذن لآخر وهلم جرا، وليس المراد أن السلطان إذا أذن بإقامتها في مسجد صار كل شخص أو كل خطيب مأذونا بأن يقيمها في ذلك المسجد بدون إذن من السلطان أو من مأذونه كما يوهمه ظاهر كلامه، ويدل على ذلك نص عبارة ابن جرباش التي نقلها عنه في البحر وهي قوله بعد كلام: وإذ قد عرفت هذا فيتمشى عليه ما يقع في زماننا هذا من استئذان السلطان في إقامة الجمعة فيما يستجد من الجوامع، فإن إذنه بإقامتها في ذلك الموضع لربه مصحح لاذن رب الجامع لمن يقيمه خطيبا ولاذن ذلك الخطيب لمن عساه أن يستنيبه إلخ.
وحاصله أنه لا تصح إقامتها إلا لمن أذن له السلطان بواسطة أو بدونها، أما بدون ذلك فلا، كما هو صريح ما يذكره الشارح عن السراجية، نعم وقع في فتاوى ابن الشلبي ما يوهم ما أوهمه كلام الشارح حيث سئل عن ثغر فيه جوامع لها خطباء ليس لأحد منهم إذن صريح من السلطان مع علم السلطان بذلك الثغر وبإقامة الجمع والأعياد في جوامعه فهل يكون ذلك إذنا دلالة؟ فأجاب بأن أمور المسلمين محمولة على السداد، وقد جرت العادة بأن من بنى جامعا وأراد إقامة الجمعة استأذن الامام، فإذا وجد الاذن أول مرة فقد حصل به الغرض والاذن بعد ذلك اه ملخصا. لكن يمكن حمله على ما مر، أي: فلا يشترط إذن السلطان ثانيا، بل كل خطيب له أن يستنيب للاكتفاء بالاذن أول مرة، والله أعلم. قوله: (وما قيده الزيلعي) أي من أنه لا يجوز له الاستخلاف إلا إذا أحدث. قال في البحر: لا دليل عليه، والظاهر من عباراتهم الاطلاق. اه.
قلت: وما ذكره الزيلعي تبعه عليه مله خسرو صاحب الدرر كما قدمناه عنه، لكنه ناقض نفسه حيث قال بعده: ولا ينبغي أن يصلي غيره الخطيب، لان الجمعة مع الخطبة كشئ واحد فلا ينبغي أن يقيمها اثنان، وإن فعل جاز اه. وهذا يكون باستخلاف الخطيب، ثم قال أيضا: خطب صبي بإذن السلطان وصلى بالغ جاز، كذا في الخلاصة اه. قال الشرنبلالي في رسالته: فهذا نص منه على جواز الاستخلاف للصلاة قبل الشروع فيها من غير سبق الحدث كما قدمناه من النصوص بمثله اه. وفيه نظر سنذكره آخر الباب.
تنبيه: أحاب بعضهم عن الزيلعي بأن كلامه مبني على القول بالاستنابة عند الضرورة، وهذا عجيب فإن هذا القول لابن كمال باشا كما علمت، والأقوال الثلاثة المذكورة في المتن ليست منقولة في المذهب بل هي اختلاف من المتأخرين بعد الزيلعي، فكيف يبني كلامه على أحدها؟ على أن