اشتراط الاستنابة بالضرورة إنما هو للخطبة لا للصلاة كما قدمناه في عبارة ابن كمال، والكلام هنا في الصلاة، لان سبق الحدث لا يستوجب الاستنابة في الخطبة لصحتها معه، فافهم. قوله: (وما ذكره مله خسرو) أي من أنه ليس له الاستنابة إلا إذا فوض إليه ذلك ح. قلت: وهو القول الأول في المتن. قوله: (رده ابن الكمال) وكذا رده في شرح المنية والبحر والنهر والمنح والامداد وغيرها. قوله: (بلا شرط) أي بلا شرط الاذن من السلطان، واستند في ذلك إلى أشياء منها ما في الخلاصة أن له أن يستخلف وإن لم يكن في منشور الامام الاستخلاف اه. قال في شرح المنية:
وعلى هذا عمل الأمة من غير نكير اه. نعم اشترط ابن كمال في هذه الرسالة لجواز الاستخلاف أن يكون لضرورة، وهو القول الثاني في المتن كما قدمناه، وبني على ذلك فساد ما يفعل في زماننا حيث يحضرون: أي السلاطين في الجامع بلا عذر ويستخلفون الغير في إقامة الجمعة اه.
وقد رد عليه الشرنبلالي في رسالة بما في التاترخانية عن المحيط: إمام خطب فتولى غيره وشهد الخطبة ولم يعزل الأول ولكن أمر رجلا أن يصلي الجمعة بالناس فصلى: جاز، لأنه لما شهد الخطبة فكأنما خطب بنفسه، ولو أن القادم الذي تولى شهد خطبة الأول وسكت عنه حتى صلى بالناس وهو يعلم بقدومه فصلاته جائزة، لأنه على ولايته ما لم يظهر العزل اه. قال: فهذا نص في صحة صلاة الأصيل بحضرة نائبه لعلمه بعزله اه.
أقول: وفيه نظر لان الأول ليس نائبا عنه بل هو باق على ولايته، لان قوله ما لم يظهر العزل معناه: ما لم يعزله بالفعل، وليس المراد به علمه بالعزل وإلا ناقض قوله قبله وهو يعلم بقدومه والأوضح في الرد ما في البدائع عن النوادر أنه يصير معزولا إذا علم بحضور الثاني، وأن الثاني إذا أمر الأول بإتمام الخطبة يجوز، وإلا بل سكت حتى أتمها، أو حضر بعد فراغ الأول من الخطبة لا تجوز الجمعة لأنها خطبة سلطان معزول، بخلاف ما إذا لم يعلم بحضور الثاني حتى خطب وصلى والأول ساكت، لأنه لا يعزل إلا بالعلم كالوكيل ا. فهذا صريح في صحة الخطبة والصلاة من النائب بحضرة الأصيل. وذكر في منية المفتي: صلى أحد بغير إذن الخطيب: لم يجز، إلا إذا اقتدى به من له ولاية الجمعة اه. ومثله ما يذكره الشارح عن السراجية، فتأمل. قوله: (أنه) أي الاستخلاف جائز مطلقا: أي سواء كان لضرورة أو لا كما يعلم من عبارة مجمع الأنهر ح. قوله:
(إذن عام) أي لكل خطيب أن يستنيب لا لكل شخص أن يخطب في أي مسجد أراد ح.
أقول لكن لا يبقى إلى اليوم الاذن بعد موت السلطان الآذن بذلك إلا إذا أذن به أيضا سلطان زماننا نصره الله تعالى كما بينته في تنقيح الحامدية وسنذكر في باب العيد عن شرح المنية ما يدل عليه أيضا، فتنبه. قوله: (وعليه الفتوى) لعل المراد فتوى أهل زمانه، فليس ذلك تصحيحا معتبرا إذ ليسوا من أهل التصحيح. قوله: (لو صلى أحد بغير إذن الخطيب لا يجوز) ظاهره أن الخطيب خطب بنفسه والآخر صلى بلا إذنه، ومثله ما لو خطب بلا إذنه لما في الخانية وغيرها: خطب بلا إذن الإمام والامام حاضر لم يجز اه. ولا ينافيه ما قدمناه عن التاترخانية من أنه لما شهد الخطبة فكأنما