وطنا لهما فقصد المرور به لا يمنع صحة السفر ا ه. وأفاد قوله: وأما المكي الخ، أن إنشاء السفر من وطن الإقامة مبطل له وإن عاد إليه، ولذا قال في البدائع: لو أقام خراساني بالكوفة نصف شهر ثم خرج منها إلى مكة فقبل أن يسير ثلاثة أيام عاد إلى الكوفة لحاجة فإنه يقصر، لان وطنه قد بطل بالسفر ا ه.
والحاصل: أن إنشاء السفر يبطل وطن الإقامة إذا كان منه، أما لو أنشأه من غيره: فإن لم يكن فيه مرور على وطن الإقامة أو كان ولكن بعد سير ثلاثة أيام فكذلك، ولو قبله لم يبطل الوطن بل يبطل السفر، لان قيام الوطن مانع من صحته، والله أعلم. قوله: (والأصل أن الشئ يبطل بمثله) كما يبطل الوطن الأصلي بالوطن الأصلي ووطن الإقامة بوطن الإقامة ووطن السكنى بوطن السكنى.
وقوله: وبما فوقه أي كما يبطل وطن الإقامة بالوطن الأصلي، وكما يبطل وطن السكنى بالوطن الأصلي وبوطن الإقامة، وينبغي أن يزيد وبضده كبطلان وطن الإقامة والسكنى بالسفر فإنه في البحر علل لذلك بقوله: لأنه ضده. قوله: (لا بما دونه) كما لم يبطل الوطن الأصلي بوطن الإقامة ولا بوطن السكنى ولا بإنشاء السفر، وكما لم يبطل وطن الإقامة بوطن السكنى ح. قوله: (وما صوره الزيلعي) حيث قال: رجل خرج من مصره إلى قرية لحاجة ولم يقصد السفر ونوى أن يقيم فيها أقل من خمسة عشر يوما فإنه يتم فيها لأنه مقيم، ثم خرج من القرية لا للسفر ثم بدا له أن يسافر قبل أن يدخل مصره وقبل أن يقيم ليلة في موضع آخر فسافر فإنه يقصر، ولو مر بتلك القرية ودخلها أتم لأنه لم يوجد ما يبطله مما هو فوقه أو مثله ا ه ح. قوله: (رده في البحر) بأن السفر باق لم يوجد ما يبطله، وهو مبطل لوطن السكنى على تقدير اعتباره، لان السفر يبطل وطن الإقامة فكيف لا يبطل وطن السكنى، فقوله لأنه لم يوجد ما يبطله ممنوع ا ه.
قال ح: واعترضه شيخنا بأن المبطل لهما سفر مبتدأ منهما. وأما إذا خرج منهما إلى ما دون مدة السفر ثم أنشأ سفرا فإنهما لا يبطلان فإذا مر بهما أتم اه. ونقل الخير الرملي مثله عن خط بعضهم وأقره.
قال ح: وهو وجيه، فإن من نوى الإقامة بموضع نصف شهر ثم خرج منه لا يريد السفر ثم عاد مريدا سفرا ومر بذلك أتم مع أنه أنشأ سفرا بعد اتخاذ هذا الموضع دار إقامة، فثبت أن إنشاء السفر لا يبطل وطن الإقامة، إلا إذا أنشأ السفر منه فليكن وطن السكنى كذلك، فما صوره الزيلعي صحيح، ومن تصويره علمت أنه لا بد أن يكون بين الوطن الأصلي وبين وطن السكنى أقل من مدة السفر، وكذا بين وطن الإقامة ووطن السكنى ا ه.
أقول: قد علمت أن السفر المبطل للوطن لا يختص بالمنشأ منه، بل يكون بالمنشأ من غيره إذا لم يكن فيه مرور عليه قبل سير ثلاثة أيام، لكن هنا فيه مرور على الوطن قبل سير مدة السفر وقد أيد في الظهيرية قول عامة المشايخ باعتبار وطن السكنى بأن الامام السرخسي ذكر مسألة تدل عليه.
وهي: كوفي خرج إلى القادسية لحاجة وبينهما دون مسيرة السفر ثم خرج منها إلى الحيرة يريد الشام، حتى إذا كان قريبا منها بدا له الرجوع إلى القادسية ليحمل ثقله منها ويرتحل إلى الشام ولا