شرح الشيخ إسماعيل عن الدهلوي: ليس المراد تنفيذ جميع الأحكام بالفعل، إذ الجمعة أقيمت في عهد أظلم الناس وهو الحجاج، وأنه ما كان ينفذ جميع الأحكام، بل المراد والله أعلم اقتداره على ذلك اه. ونقل مثله في حاشية أبي السعود عن رسالة العلامة نوح أفندي.
أقول: ويؤيده أنه كان الاخلال بتنفيذ بعض الأحكام مخلا بكون البلد مصرا على هذا القول الذي هو ظاهر الرواية لزم أن لا تصح جمعة في بلدة من بلاد الاسلام في هذا الزمان، بل فيما قبله من أزمان، فتعين كون المراد الاقتدار على تنفيذ الاحكام، ولكن ينبغي إرادة أكثرها، وإلا فقد يتعذر على الحاكم الاقتدار على تنفيذ بعضها لمنع ممن ولاه، وكما يقع في أيام الفتنة من تعصب سفهاء البلد بعضهم على بعض، أو على الحاكم بحيث لا يقدر على تنفيذ الاحكام فيهم لأنه قادر على تنفيذها في غيرهم وفي عسكره، على أن هذا عارض فلا يعتبر، ولذا لو مات الوالي أو لم يحضر لفتنة ولم يوجد أحد ممن له حق إقامة الجمعة نصب العامة لهم خطيبا للضرورة كما سيأتي مع أنه لا أمير ولا قاضي ثمة أصلا، وبهذا ظهر جهل من يقول: لا تصح الجمعة في أيام الفتنة، مع أنها تصح في البلاد التي استولى عليها الكفار كما سنذكره، فتأمل. قوله: (كما حررناه إلخ) هو حاصل ما قدمناه عن شرح المنية. قوله: (وفي القهستاني إلخ) تأييد للمتن، وعبارة القستاني: تقع فرضا في القصبات والقرى (1) الكبيرة التي فيها أسواق. قال أبو القاسم: هذا بلا خلا ف إذا أذن الوالي أو القاضي ببناء المسجد الجامع وأداء الجمعة، لان هذا مجتهد فيه، فإذا اتصل به الحكم صار مجمعا عليه، وفيما ذكرنا إشارة إلى أنه لا تجوز في الصغيرة التي ليس فيها قاض ومنبر وخطيب كما في المضمرات، والظاهر أنه أريد به الكراهة لكراهة النفل بالجماعة، ألا ترى أن في الجواهر لو صلوا في القرى لزمهم أداء الظهر، وهذا إذا لم يتصل به حكم، فإن في فتاوى الديناري: إذا بنى مسجد في الرستاق بأمر الإمام فهو أمر بالجمعة اتفاقا على ما قال السرخسي اه فافهم. والرستاق: القرى كما في القاموس.
تنبيه: في شرح الوهبانية: قضاة زماننا يحكمون بصحة الجمعة عند تجديدها في موضع بأن يعلق الواقف عتق عبده بصحة الجمعة في هذا الموضع، وبعد إقامتها فيه بالشروط يدعي المعلق عتقه على الواقف المعلق بأنه علق عتقه على صحة الجمعة في هذا الموضع وقد صحت ووقع العتق فيحكم بعتقه فيتضمن الحكم بصحة الجمعة ويدخل ما لم يأت من الجمع تبعا اه. قال في النهر:
وفي دخول ما لم يأت نظر، فتدبر اه.
أقول: الجواب عن نظرة أن الحكم بصحة الجمعة مبني على كون ذلك الموضع محلا لاقامتها فيه، وبعد ثبوت صحتها فيه لا فرق فيه بين جمعة وجمعة، فتدبر. وظاهر ما مر عن القهستاني أن مجرد أمر السلطان أو القاضي ببناء المسجد وأدائها فيه حكم رافع للخلاف بلا دعوى وحادثة. وفي قضاء الأشباه: أمر القاضي حكم كقوله سلم المحدود إلى المدعي والامر بدفع الدين والامر بحبسه إلخ...
وأفتى ابن نجيم بأن تزويج القاضي الصغيرة حكم رافع للخلاف ليس لغيره نقضه. قوله: (وإذا اتصل به الحكم إلخ) قد علمت الصغيرة حكم القهستاني صريحة في أن مجرد الامر رافع للخلاف بناء على