والحاجة واحتج له الماوردي بقوله تعالى: * (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) * وبأنه (ص) ضارب لخديجة رضي الله تعالى عنها بمالها إلى الشام، وأنفذت معه عبدها ميسرة.
وحقيقته توكيل مالك بجعل ماله بيد آخر ليتجر فيه والربح مشترك بينهما. القول في أركان القراض وأركانه ستة: مالك وعامل وعمل وربح وصيغة ومال، ويعرف بعضها من كلام المصنف وباقيها من شرحه. (وللقراض أربعة شرائط) الأول: (أن يكون) عقده (على ناض) بالمد وتشديد المعجمة وهو ما ضرب (من الدراهم) الفضة الخالصة (و) من (الدنانير) الخالصة، وفي هذه إشارة إلى أن شرط المال الذي هو أحد الأركان أن يكون نقدا خالصا، ولا بد أن يكون معلوما جنسا وقدرا وصفة، وأن يكون معينا بيد العامل، فلا يصح على عرض ولو فلوسا وتبرأ وحليا ومنفعة لأن في القراض إغرارا، إذ العمل فيه غير مضبوط والربح غير موثوق به، وإنما جوز للحاجة فاختص بما يروج بكل حال وتسهل التجارة به.
ولا على نقد مغشوش ولو رائجا لانتفاء خلوصه. نعم إن كان غشه مستهلكا جاز قاله الجرجاني. ولا على مجهول جنسا أو قدرا أو صفة، ولا على غير معين كأن قارضه على ما في الذمة من دين أو غيره.
وكأن قارضه على إحدى صرتين ولو متساويتين، ولا يصح بشرط كون المال بيد غير العامل كالمالك ليوفي منه ثمن ما اشتراه العامل لأنه قد لا يجده عند الحاجة. وشرط في المالك ما شرط في موكل، وفي العامل ما شرط في وكيل وهما الركنان الأولان لأن القراض توكيل وتوكل، وأن يستقل العامل بالعمل ليتمكن من العمل متى شاء، فلا يصح شرط عمل غيره معه لأن انقسام العمل يقتضي انقسام اليد، ويصح شرط إعانة مملوك المالك معه في العمل، ولا يد للمملوك لأنه مال فجعل عمله تبعا للمال، وشرطه أن يكون معلوما برؤية أو وصف، وإن شرطت نفقته عليه جاز. (و) الشرط الثاني (أن يأذن رب المال للعامل في التصرف) في البيع والشراء (مطلقا) وفي هذا إشارة إلى الركن الرابع وهو العمل، فشرطه أن يكون في تجارة. وأشار بقوله: مطلقا إلى اشتراط أن لا يضيق العمل على العامل، فلا يصح على شراء بر يطحنه ويخبزه، أو غزل ينسجه ويبيعه لأن الطحن وما معه أعمال لا تسمى تجارة بل أعمال مضبوطة يستأجر عليها، ولا على شراء متاع معين كقوله: ولا تشتر إلا هذه السلعة لأن المقصود من العقد حصول الربح، وقد لا يحصل فيما يعينه فيختل العقد (أو) أي لا يضر في العقد إذنه (فيما لا ينقطع وجوده غالبا) كالبر، ويضر فيما يندر وجوده كالياقوت الأحمر