فلا تبطل شفعته بتركه. وخرج بعدم العذر ما إذا كان معذورا ككونه مريضا مرضا يمنع من المطالبة لا كصداع يسير، أو كان محبوسا ظلما أو بدين وهو معسر وعاجز عن البينة، أو غائبا عن بلد المشتري فلا تبطل شفعته بالتأخير، فإن كان العذر يزول عن قرب كالمصلي والآكل وقاضي الحاجة والذي في الحمام كان له التأخير أيضا إلى زواله، ولا يكلف القطع على خلاف العادة، ولا يكلف الاقتصار في الصلاة على أقل ما يجزئ بل له أن يستوفي المستحب للمنفرد، فإن زاد عليه فالذي يظهر أنه لا يكون عذرا. ولم أر من تعرض لذلك. ولو حضر وقت الصلاة أو الطعام أو قضاء الحاجة جاز له أن يقدمها وأن يلبس ثوبه فإذا فرغ طالب بالشفعة وإن كان في ليل فحتى يصبح ولو أخر الطلب بها وقال: لم أصدق المخبر ببيع الشريك الشقص ليعذر إن أخبره عدلان أو عدل وامرأتان بذلك، وكذا إن أخبره ثقة حر أو عبد أو امرأة في الأصح لأنه إخبار وخبر الثقة مقبول، ويعذر في خبر من لا يقبل خبره كفاسق وصبي ولو مميزا. ولو أخبر الشفيع بالبيع بألف فترك الشفعة فبان بخمسمائة بقي حقه في الشفعة لأنه لم يتركه زاهدا بل للغلاء فليس مقصرا، وإن بان بأكثر مما أخبر به بطل حقه لأنه إذا لم يرغب فيه بالأقل فبالأكثر أولى، ولو لقي الشفيع المشتري فسلم عليه أو سأله عن الثمن أو قال له: بارك الله لك في صفقتك لم يبطل حقه. أما في الأولى فلان السلام سنة قبل الكلام، وأما في الثانية فلان جاهل الثمن لا بد له من معرفته وقد يريد العارف إقرار المشتري، وأما في الثالثة فلانه قد يدعو بالبركة ليأخذ صفقة مباركة. (وإذا تزوج امرأة) أو خالعها (على شقص) فيه شفعة وهو بكسر الشين المعجمة وإسكان القاف - اسم للقطعة من الأرض وللطائفة من الشئ كما اتفق عليه أهل اللغة (أخذه الشفيع) أي شريك المصدق أو المخالع من المرأة في الأولى ومن المخالع في الثانية (بمهر المثل) معتبرا بيوم العقد لأن البضع متقوم وقيمته مهر المثل، وتجب في المتعة متعة مثلها لا مهر مثلها لأنها الواجبة بالفراق والشقص عوض عنها. ولو اختلفا في قدر القيمة المأخوذ بها الشقص المشفوع صدق المأخوذ منه بيمينه قاله الروياني (وإن كان الشفعاء جماعة) من الشركاء (استحقوها على قدر الاملاك) لأنه حق مستحق بالملك فقسط على قدره كالأجرة والثمرة، فلو كانت أرض بين ثلاثة لواحد نصفها ولآخر ثلثها ولآخر سدسها فباع الأول حصته أخذ الثاني سهمين والثالث سهما، وهذا ما صححه الشيخان وهو المعتمد. وقيل:
يأخذون بعدد الرؤوس واعتمده جمع من المتأخرين. وقال الأسنوي: إن الأول خلاف مذهب الشافعي، ولو باع أحد الشريكين بعض حصته لرجل ثم باقيها لآخر فالشفعة في البعض الأول للشريك القديم لانفراده بالحق، فإن عفا عنه شاركه المشتري الأول في البعض الثاني لأنه صار شريكا مثله قبل البيع الثاني، فإن لم يعف عنه بل أخذه لم يشاركه فيه لزوال ملكه، ولو عفا أحد شفيعين عن حقه أو بعضه سقط حقه كالقود وأخذ الآخر الكل أو تركه فلا يقتصر على حصته لئلا تتبعض الصفقة على المشتري، أو حضر أحدهما وغاب الآخر أخر الاخذ إلى حضور الغائب