بوجوده في الخارج، فلا يصح الوقف على ولده وهو لا ولد له، ولا على فقراء أولاده ولا فقير فيهم، فإن كان فيهم فقير وغني صح ويعطي منه أيضا من افتقر بعد كما قال البغوي. ولا على جنين لعدم صحة تملكه، وسواء أكان مقصودا أم تابعا حتى لو كان له أولاد وله جنين عند الوقف لم يدخل. نعم إن انفصل دخل معهم، إلا أن يكون الواقف قد سمى الموجدين أو ذكر عددهم فلا يدخل كما قاله الأذرعي.
تنبيه: قد علم مما ذكر أن الوقف على الميت لا يصح لأنه لا يملك وبه صرح الجرجاني، ولا على أحد هذين الشخصين لعدم تعيين الموقوف عليه، ولا على نفس العبد لأنه ليس أهلا للملك. فإن أطلق الوقف عليه فإن كان له لم يصح لأنه يقع للواقف وإن كان لغيره فهو وقف على سيده، وأما الوقف على المبعض فالظاهر أنه إن كان مهايأة وصدر الوقف عليه يوم نوبته فكالحر أو يوم نوبة سيده فكالعبد، وإن لم تكن مهايأة وزع على الرق والحرية. ولو وقف على بهيمة مملوكة لم يصح الوقف لأنها ليست أهلا للملك بحال، فإن قصد به مالكها فهو وقف عليه وخرج بالمملوكة الموقوفة كالخيل الموقوفة في الثغور ونحوها فيصح الوقف على علفها ويصح على ذمي معين مما يمكن تمليكه له، فيمتنع وقف المصحف وكتب علم والعبد المسلم عليه، ولا يصح الوقف على مرتد وحربي. ولا وقف الشخص على نفسه لأن الأولين لا دوام لهما مع كفرهما، والثالث لتعذر تمليك الانسان ملكه لنفسه لأنه حاصل، وتحصيل الحاصل محال. (و) الشرط الثالث أن يكون الوقف مؤبدا على (فرع لا ينقطع) سواء أظهر فيه جهة قربة كالوقف على الفقراء والعلماء والمجاهدين والمساجد والربط، أم لم تظهر كالأغنياء وأهل الذمة والفسقة لأن الصدقة عليهم جائزة، ولو وقف شخص على الأغنياء وادعى شخص أنه غني لم يقبل إلا ببينة، بخلاف ما لو وقف على الفقراء وادعى شخص أنه فقير ولم يعرف له مال فيقبل بلا بينة نظرا للأصل فيهما.
تنبيه: قضية عطف المصنف قوله وفرع لا ينقطع على ما قبله أنهما شرط واحد، ولهذا عد الشروط ثلاثة والذي في الروضة أنهم شرطان كما قررت به كلامه. (و) الشرط الرابع (أن لا يكون في محظور) بالحاء المهملة والظاء المشالة، أي محرم كعمارة الكنائس ونحوها من متعبدات الكفار للتعبد فيها، أو حصرها أو قناديلها أو خدامها، أو كتب التوراة والإنجيل أو السلاح لقطاع الطريق لأنه إعانة على معصية، والوقف شرع للتقرب فهما متضادان. وشرط في الصيغة وهو الركن الرابع لفظ يشعر بالمراد كالعتق بل أولى، وفي معناه ما مر في الضمان وصريحة كوقفت وسلبت وحبست كذا على كذا أو تصدقت بكذا على كذا صدقة محرمة أو مؤبدة أو موقوفة، أو لا تباع أو لا توهب أو جعلت هذا المكان مسجدا، وكنايته كحرمت وأبدت هذا للفقراء لأن كلا منهما لا يستعمل مستقلا، وإنما يؤكد به فلا يكون صريحا وكتصدقت به مع إضافته لجهة عامة كالفقراء. وألحق الماوردي باللفظ أيضا ما لو بنى مسجدا بنيته بموات. والشرط الخامس: التأبيد كالوقف على من لم ينقرض قبل قيام الساعة كالفقراء، أو على من ينقرض ثم على من لا ينقرض كزيد ثم الفقراء، فلا يصح تأقيت الوقف. فلو قال:
وقفت هذا على كذا سنة لم يصح لفساد الصيغة، فإن أعقبه بمصرف كوقفته على زيد سنة ثم على الفقراء صح وروي فيه شرط الواقف، وهذا فيما لا يضاهي التحرير، أما ما يضاهيه كالمسجد والمقبرة