يغلب فيه معنى القصاص لا الحد لأن الأصل فيما اجتمع فيه حق الله تعالى و حق الآدمي يغلب فيه حق الآدمي لبنائه على التضييق ولأنه لو قتل بلا محاربة، ثبت له القود فكيف يحبط حقه بقتله فيها.
فلا يقتل بغير كف ء كولده ولو مات بغير قتل فدية تجب في تركته في الحر. أما في الرقيق فتجب قيمته مطلقا ويقتل بواحد ممن قتلهم وللباقين ديات فإن قتلهم مرتبا قتل بالأول منهم. ولو عفا ولي القتيل بمال وجب المال وقتل القاتل حدا لتحتيم قتله وتراعى المماثلة فيما قتل به ولا يتحتم غير قتل وصلب كأن قطع يده فاندمل لأن التحتم تغليظ لحق الله تعالى. فاختص بالنفس كالكفارة. القول في حكم من تاب منهم (ومن تاب منهم قبل القدرة عليه) أي قبل الظفر به (سقط عنه الحدود) أي العقوبات التي تخص القاطع من تحتم القتل والصلب وقطع اليد والرجل لآية: * (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم) * (وأخذوا) من المؤاخذة مبني للمفعول بمعنى طولب. (بالحقوق) أي بباقيها فلا يسقط عنه ولا عن غيره بالتوبة قود ولا مال ولا باقي الحدود من حد زنا وسرقة وشرب خمر وقذف لأن العمومات الواردة فيها لم تفصل بين ما قبل التوبة وما بعدها بخلاف قاطع الطريق نعم تارك الصلاة كسلا يقتل حدا على الصحيح. ومع ذلك لو تاب سقط القتل قطعا والكافر إذا زنى ثم أسلم فإنه يسقط عنه الحد كما نقله في الروضة عن النص ولا يرد المرتد إذا تاب حيث تقبل توبته ويسقط القتل لأنه إذا أصر يقتل كفرا لا حدا ومحل عدم سقوط باقي الحدود بالتوبة في الظاهر أما فيما بينه وبين الله تعالى:
فيسقط قطعا لأن التوبة تسقط أثر المعصية كما نبه عليه في زيادة الروضة في باب السرقة. وقد قال (ص): التوبة تجب ما قبلها وورد التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
تتمة: التوبة لغة الرجوع ولا يلزم أن تكون عن ذنب وعليه حمل قوله (ص):
إني لأتوب إلى الله تعالى في اليوم سبعين مرة فإنه (ص) رجع عن الاشتغال بمصالح الخلق إلى الحق. قال تعالى: * (فإذا فرغت فانصب) * وإنما فعل (ص) ذلك تشريعا وليفتح باب التوبة للأمة ليعلمهم كيف الطريق إلى الله تعالى وقد سئل بعض الأكابر القوم عن قوله تعالى: * (لقد تاب الله على النبي) * من أي شئ فقال: نبه بتوبة من لم يذنب على توبة من أذنب يعني بذلك أنه لا يدخل أحد مقاما من المقامات الصالحة إلا تابعا له (ص) فلولا توبته (ص) ما حصل لاحد توبة. وأصل هذه التوبة أخذ العلقة من صدره الكريم (ص) وقيل: هذه حظ الشيطان منك،