يتعين على العبيد الجهاد؟ إن قلنا: نعم، فهم من أهل فرض الجهاد، فإذا وافوا الصف، وقع الجهاد عنهم، فيكون استئجارهم كالأحرار، وإلا فيجوز استئجارهم، وإن أخرج الامام العبيد قهرا، لزمت أجرتهم من يوم الاخراج إلى أن يعود كل عبد إلى يد سيده، هكذا أطلقه البغوي وغيره، وينبغي أن يبنى ذلك على الوجهين إن قلنا: إنهم من أهل فرض الجهاد، فكالأحرار، أما الذمي فللامام أن يستعمله للجهاد بمال يبذله له، وهل طريقه الإجارة أم الجعالة؟ وجهان، أحدهما:
الجعالة، لجهالة العمل، وأصحهما: الإجارة، وتحتمل جهالة العمل، لأن ا لمقصود القتال، ولو كان جعالة لجاز للذمي الانصراف متى شاء، وهو بعيد، وعلى هذا وجهان، أحدهما: لا يجوز أن يبلغ بالأجرة سهم راجل، وكان حاصل هذا الوجه الحكم بالانفساخ والرد إلى أجرة المثل إن بان زيادة الأجرة على سهم، وإلا ففي الابتداء لا يعلم سهم الراجل من الغنيمة، والصحيح أنه لا حجر في قدر الأجرة، كسائر الإجارات، وهل لآحاد المسلمين استئجار الذمي للجهاد؟ وجهان، أصحهما: المنع، لأن الآحاد لا يتولون المصالح العامة، وقد يكون في حضوره مفسدة يعلمها الامام دون الآحاد.
فرع لو أخرج الامام أهل الذمة، استحب أن يسمي لهم أجرة، فإن ذكر شيئا مجهولا، بأن قال: نرضيكم، أو نعطيكم ما تستعينون به، وجبت أجرة المثل، وإن أخرجهم وحملهم على الجهاد كرها، وجبت أجرة المثل، وإن خرجوا راضين، ولم يسم لهم شيئا، فهذا موضع الرضخ، وفي محله أقوال سبقت في قسم الغنيمة، وأما الأجرة الواجبة، مسماة كانت أو أجرة المثل، فهل تؤدى من خمس الخمس سهم المصالح من هذه الغنيمة أو غيرها، أم من أصل الغنيمة، أم من أربعة أخماسها؟ أوجه، أصحها: الأول، وهو نصه في المختصر وقطع به جماعة.
فرع لو أخرجهم قهرا، ثم خلى سبيلهم قبل وقوفهم في الصف، أو هربوا ولم يقفوا، لم يجب لهم إلا أجرة الذهاب، وإن تعطلت منافعهم في الرجوع، لأنهم يتصرفون حينئذ كيف شاؤوا، ولو وقف المقهورون ولم يقاتلوا، فهل لهم أجرة مدة الوقوف؟ وجهان، أصحهما: لا، فعلى هذا إن لم يكن عليهم حبس وقهر، فلا شئ لهم، وإلا ففيه الخلاف في أن منفعة الحر هل تضمن بالحبس والتعطيل دون الاستيفاء؟ ولو استأجر الذمي فلم يقاتل، ففي استحقاقه الوجهان.