يتعين تعلم الاحكام الظاهرة دون الدقائق والمسائل التي لا تعم بها بلوى، وإن كان له مال زكوي، لزمه تعلم ظواهر أحكام الزكاة، قال الروياني: هذا إذا لم يكن له ساع يكفيه الامر.
قلت: الراجح أنه لا يسقط عنه التعلم بالساعي، إذ قد يجب عليه ما لا يعلمه الساعي. والله أعلم.
ومن يبيع ويشتري ويتجر يتعين عليه معرفة أحكام التجارات، وكذا ما يحتاج إليه صاحب كل حرفة يتعين عليه تعلمه، والمراد الاحكام الظاهرة الغالبة دون الفروع النادرة والمسائل الدقيقة. وأما فرض الكفاية، فالقيام بعلوم الشرع فرض كفاية ويدخل في ذلك: التفسير والحديث على ما سبق في الوصية، ومنها: أن ينتهي في معرفة الاحكام إلى حيث يصلح للفتوى والقضاء كما سنذكره في أدب القاضي إن شاء الله تعالى، وهناك يتبين أن المجتهد في الشرع مطلقا يفتي، وأن المتبحر في مذهب بعض الأئمة المجتهدين يفتي أيضا على الصحيح، ولا يكفي أن يكون في الإقليم مفت واحد، لعسر مراجعته، واعتبر الأصحاب فيه مسافة القصر، وكأن المراد أن لا يزيد ما بين كل مفتيين على مسافة القصر، وأما العلوم العقلية، فمنها ما هو فرض كفاية، كالطب والحساب المحتاج إليه، وقسمة الوصايا والمواريث، قال الغزالي: ولا يستبعد عد الطب والحساب من فروض الكفاية، فإن الحرف والصناعات التي لا بد للناس منها في معايشهم، كالفلاحة فرض كفاية، فالطب والحساب أولى، وأما أصول العقائد، فالاعتقاد المستقيم مع التصميم على ما ورد به القرآن والسنة فرض عين، وأما العلم المسمى علم الكلام، فليس بفرض عين، ولم يكن الصحابة رضي الله عنهم يشتغلون به، قال الامام: ولو بقي الناس على ما كانوا عليه في صفوة الاسلام لما أوجبنا التشاغل به، وربما نهينا عنه، فأما اليوم وقد ثارت البدع، فلا سبيل إلى تركها تلتطم، ولا بد من إعداد ما يدعى به إلى المسلك الحق، وتزال به الشبه، فصار الاشتغال بأدلة العقول فرض كفاية، فأما من