فرع لو تترس الكفار بمسلمين من الأسارى وغيرهم، نظر إن لم تدع ضرورة إلى رميهم واحتمل الحال الاعراض عنهم، لم يجز رميهم، فإن رمى رام، فقتل مسلما قال البغوي: هو كما لو قتل مسلما في دار الحرب، إن علمه مسلما لزمه القصاص، وإن ظنه كافرا فلا قصاص وتجب الكفارة، وفي الدية قولان، وإن دعت ضرورة إلى رميهم، بأن تترسوا بهم في حال التحام القتال وكانوا بحيث لو كففنا عنهم ظفروا بنا، وكثرت نكايتهم فوجهان، أحدهما: لا يجوز الرمي إذا لم يمكن ضرب الكفار إلا بضرب مسلم، لأن غايته أن نخاف على أنفسنا، ودم المسلم لا يباح بالخوف بدليل صورة الاكراه، والثاني وهو الصحيح المنصوص، وبه قطع العراقيون: جواز الرمي على قصد قتال المشركين، ويتوقى المسلمين بحسب الامكان، لأن مفسدة الاعراض أكثر من مفسدة الاقدام، ولا يبعد احتمال طائفة للدفع عن بيضة الاسلام ومراعاة للأمور الكليات، فإن جوزنا الرمي، فرمى وقتل مسلما، فلا قصاص، فتجب الكفارة، وفي الدية طرق، أصحها وظاهر النص، وبه قال المزني وابن سلمة: إن علم أن المرمي مسلم، وجبت، وإلا فلا، والثاني قاله أبو إسحاق: إن قصده بعينه، وجبت، سواء علمه مسلما أم لا، وإلا فلا، والثالث: قولان مطلقا، والرابع قاله ابن الوكيل: إن علم أن هناك مسلما، وجبت، وإلا فقولان، وإن لم نجوز الرمي، فرمى وقتل، ففي وجوب القصاص طريقان، أحدهما قولان، كالمكره، والثاني: يجب قطعا، كالمضطر إذا قتل رجلا ليأكله، بخلاف المكره، فإنه ملجأ، ولان هناك من يحال عليه وهو المكره.
ولو تترس الكفار بذمي أو مستأمن أو عبد، فالحكم في جواز الرمي والدية والكفارة كما ذكرنا، لكن حيث تجب دية، يجب في العبد قيمته، وفي التهذيب أنه لو تترس كافر بترس مسلم، أو ركب فرسه، فرماه مسلم فأتلفه، فإن كان في غير التحام، أو في التحام وأمكنه أن يتوقى الترس والفرس، ضمن، وإن لم يمكنه في الالتحام الدفع إلا بإصابته، فإن جعلناه كالمكره، لم يضمن، لأن المكره في المال يكون طريقا في الضمان، وهنا لا ضمان على الحربي حتى يجعل المسلم طريقا، وإن جعلناه مختارا، لزمه الضمان.
العاشرة: في حكم الهزيمة، إذا التقى الصفان، قد أطلق الغزالي أنه إن كان