السابعة: فيمن يمتنع قتله من الكفار في الحرب، فيكره للغازي قتل قريبه، فإن كان القريب محرما ازدادت الكراهة، فإن سمع أبا، أو قريبا آخر يذكر الله تعالى، أو رسوله (ص) بسوء، لم يكره قتله، ويحرم قتل نساء الكفار وصبيانهم والمجانين والخناثى، فإن قاتلوا، جاز قتلهم، ولو أسر منهم مراهق، وشككنا في بلوغه، كشفت عانته، فإن كان أنبت، حكم ببلوغه، وإلا فهو صبي، وقد سبق في كتاب الحجر قولان في أن الانبات بلوغ أم دليل بلوغ، فإن قال المأسور: استعجلت الشعر بالدواء، فإن قلنا: هو بلوغ، لم يقبل قوله، بل يحكم ببلوغه، وإن قلنا:
دليل البلوغ وهو الأظهر، فيصدق بيمينه، ويحكم بالصغر، هكذا نص عليه وبه أخذ الأصحاب وذكروا فيه إشكالين، أحدهما: أن اليمين تعمل في النفي وهذه لاثبات الاستعجال، وأجيب بأنا فعلناه لحقن الدم، وقد يخالف القياس لذلك، ولهذا قبلنا جزية المجوس دون نكاحهم، والثاني: كيف يحلف من يدعي الصبي، فقال بعض الأصحاب: اليمين احتياط أو استظهار لا واجبة، وقال الجمهور: لا بد منها، لأن الدليل الظاهر موجود، فلا يترك بمجرد قوله، وقد سبق في الحجر أن المعتبر الشعر الخشن دون اللين، وأن في إلحاق شعر الإبط والوجه الخشن بالعانة وجهين، ونبات الشارب كاللحية، ولا أثر لاخضراره.
الثامنة: في جواز قتل الراهب، شيخا كان أو شابا، والأجير والمحترف المشغول بحرفته، والشيخ الضعيف والأعمى والزمن، ومقطوع اليد والرجل قولان، أظهرهما: الجواز. وقيل: يقتل الأجير والمحترف قطعا، فإن كان فيهم من له رأي يستعين الكفار برأيه وتدبير الحرب، قتل قطعا، ثم الذي يفهم من كلام الأصحاب أنه لا فرق بين أن يحضر ذو الرأي في صف القتال، أو لا يحضر في أنه يجوز قتله، ولا بين أن يقدر على الأخرق منهم في صف القتال، أو يدخل بعض بلادهم، فيجده هناك في أن في قتله القولين، وفي السوقة طريقان، المذهب: القطع بقتلهم، والثاني: على القولين، فإن جوزنا قتل هؤلاء، جاز استرقاقهم، وسبي نسائهم وصبيانهم، واغتنام أموالهم، وإلا فالمذهب أنهم يرقون بنفس الأسر كالنساء، وقيل: قولان، كأسير إذا أسلم قبل الاسترقاق، ففي قول: يتقين رقه، وفي قول:
للامام أن يرقه وأن يمن عليه، أو يفاديه، وقيل: لا يجوز استرقاقهم، بل يتركون ولا يتعرض لهم، ويجوز سبي نسائهم وصبيانهم على الأصح، وقيل: لا يجوز،