ونحوهما، انعزل، ثم إن ولى غيره قبل عزل نفسه، انعقدت ولايته، وإلا فيبايع الناس غيره، وإن عزل نفسه بلا عذر، ففيه أوجه: أصحها: لا ينعزل، وبه قطع صاحب البيان وغيره، والثاني: ينعزل، لأن إلزامه الاستمرار قد يضر به في آخرته ودنياه، والثالث وبه قطع البغوي: إن لم يظهر عذر، فعزل نفسه ولم يول غيره، أو ولى من هو دونه، لم ينعزل، وإن ولى مثله، أو أفضل، ففي الانعزال وجهان، وهل للامام عزل ولي العهد؟ قال المتولي: نعم، والماوردي: لا، لأنه ليس نائبا له بل للمسلمين.
قلت: قول الماوردي أصح، قال الماوردي: فلو عزله الامام، وعهد إلى ثان، ثم عزل المعهود إليه أولا نفسه، فعهد الثاني باطل، ولا بد من استئنافه. والله أعلم الخامسة: سبق في باب الأوصياء أن الامام لا ينعزل بالفسق على الصحيح، ولا ينعزل بالاغماء لأنه متوقع الزوال، وينعزل بالمرض الذي ينسيه العلوم، وبالجنون، قال الماوردي: فلو كان يجن ويفيق، وزمن الإفاقة أكثر، ويمكن فيه من القيام بالأمور، لم ينعزل، وينعزل بالعمى والصمم والخرس، ولا ينعزل بثقل السمع، وتمتمة اللسان، وفي منعهما ابتداء الولاية خلاف، والأصح أن قطع إحدى اليدين أو الرجلين، لا يؤثر في الدوام وبالله التوفيق.
قلت: ومما يتعلق بالباب مسائل، إحداها: قال الماوردي: لو أسر الامام، لزم الأمة استنقاذه، وهو على إمامته ما دام مرجو الخلاص بقتال أو فداء، فإن أيس منه، نظر، ان أسره كفار، خرج من الإمامة، وعقدوها لغيره، فإن عهد بالإمامة وهو أسير، نظر إن كان بعد اليأس من خلاصه، لم يصح عهده لأنه عهد بعد انعزاله، وإن عهد قبل اليأس، صح عهده لبقاء ولايته، وتستقر إمامة المعهود إليه باليأس خلاص من العاهد لانعزاله، ولو خلص من أسره، نظر إن خلص بعد اليأس، لم تعد إمامته، بل تستقر لولي عهده، وإن خلص قبل اليأس، فهو على إمامته، وأما إذا أسره بغاة من المسلمين، فإن كان مرجو الخلاص، فهو على إمامته، وإن لم يرج وكانت البغاة لا إمام لهم، فالأسير على إمامته، وعلى أهل الاختيار أن يستنيبوا عنه إن لم يقدر هو على الاستنابة، فإن قدر، فهو أحق