متعين، فيتشاورون، ويتفقون على أحدهم، كما جعل عمر رضي الله عنه الامر شورى بين ستة، فاتفقوا على عثمان رضي الله عنه، وذكر الماوردي أنه يشترط في المعهود إليه شروط الإمامة من وقت العهد إليه حتى لو كان صغيرا أو فاسقا عند العقد، بالغا عدلا عند موت العاهد، لم يكن إماما، إلا أن يبايعه أهل الحل والعقد، وقد يتوقف في هذا.
قلت: لا توقف فيه، فالصواب الجزم بما ذكره الماوردي، والفرق بينه وبين الوصي ظاهر. والله أعلم.
وذكر الماوردي أنه إذا عهد إلى غائب مجهول الحياة، لم يصح، وإن كان معلوم الحياة، صح، فإن مات المستخلف وهو بعد غائب، استقدمه أهل الاختيار، فإن بعدت غيبته وتضرر المسلمون بتأخير النظر في أمورهم، اختار أهل الحل والعقد نائبا له يبايعونه بالنيابة دون الخلافة، فإذا قدم انعزل النائب، وأنه إذا عزل الخليفة نفسه، كان كما لو مات، فتنتقل الخلافة إلى ولي العهد، ويجوز أن يفرق بين أن يقول: الخلافة بعد موتي لفلان، أو بعد خلافتي.
قلت: توقف إمام الحرمين في كتابه الارشاد في انعزال الامام بعزله نفسه.
والله أعلم وذكر الماوردي أنه يجوز العهد إلى الوالد والولد، وفيه مذهبان آخران، أحدهما: المنع، كالتزكية والحكم لهما، والثاني: يجوز للوالد دون الولد، لشدة الميل إليه، وأن ولي العهد لو أراد أن ينقل ما إليه من العهد إلى غيره، لم يجز، وأنه لو عهد إلى جماعة مرتبين، فقال الخليفة: بعد موتي فلان، وبعد موته فلان، وبعد موته فلان، جاز، وانتقلت الخلافة إليهم على ما رتب، كما رتب رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراء جيش مؤتة، وأنه لو مات الأول في حياة الخليفة، فالخلافة للثاني، ولو مات الأول والثاني في حياته، فهي للثالث، وأنه لو مات الخليفة وبقي الثلاثة أحياء، فانتصب الأول للخلافة، ثم إن أراد أن يعهد بها إلى غير الآخرين، فالظاهر من مذهب الشافعي رحمه الله جوازه، لأنها لما انتهت إليه صار أملك بها بخلاف ما إذا مات ولم يعهد إلى أحد، فليس لأهل البيعة أن يبايعوا غير الثاني، ويقدم عهد الأول على اختيارهم وأنه ليس لأهل الشورى أن يعينوا واحدا منهم في