عنده نوعان من جنس الماشية، وإن كانت إبلهم أو إبل بعضهم مراضا بجرب أو غيره أو مهزولة هزالا فاحشا لم يجبر الولي على قبولها، بل يكلف أن يسلم إبلا صحاحا من النوع الذي عنده لقوله صلى الله عليه وسلم (في النفس مائة من الإبل) وإطلاق هذا يقتضى الصحيح فإن قيل هلا قلتم يجبر الولي على قبول ما عند من عليه الدية وإن كانت مراضا كما قلنا في الزكاة؟
قلنا الفرق بينهما أن الواجب في الزكاة هو واجب في غير المال الذي عنده أو في ذمته والمال مرتهن، فلذلك وجب مما عنده، وليس كذلك هاهنا فإن الواجب على كل واحد منهم هو من النقد في الذمة والمال غير مرتهن به، وإنما الإبل عوض منه فلم يقبل منه إلا السليم، فإن لم يكن للعاقلة إبل فإن كان في البلد نتاج غالب وجب عليهم التسليم من ذلك النتاج، وان لم يكن في البلد إبل وجب من غالب نتاج أقرب بلد إليهم كما قلنا في زكاة الفطر (فرع) وإن أرادت العاقلة أن تدفع عوضا عن الإبل مع وجودها لم يجبر الولي على قبولها، وكذلك ان طالب من له الدية عوض الإبل لم تجبر العاقلة على دفعه، لان ما ضمن لحق الآدمي يبدل لم يجبر على غيره كذوات الأمثال، فإن تراضيا على ذلك قال أصحابنا جاز ذلك لأنه حق مستقر فجاز أخذ البدل عنه كبدل المتلفات، والذي يقتضى المذهب أن هذا إنما يجوز على القول الذي يجيز الصلح على إبل الدية وبيعها في الذمة (فرع) وإن كانت الدية تجب على الجاني بأن كانت الجناية عمدا أو خطأ ثبت بإقراره، فإن الواجب عليه من النوع الذي عنده قياسا على العاقلة، والحكم فيه إذا كان عنده نوعان، أو كانت إبله مراضا في أخذ العوض حكم الإبل إذا كانت واجبة على العاقلة على ما مضى بيانه (مسألة) كثير من بلاد الاسلام لا يعرف أهلها الإبل ولم يروها، كالملايو وإندونيسيا والفلبين وفطانى (1) وبلاد أخرى لا توجد فيها الإبل إلا بأثمان غالية