قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا يجوز عقد الهدنة على رد من جاء من المسلمات، لان النبي صلى الله عليه وسلم عقد الصلح بالحديبية، فجاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مسلمة، فجاء أخواها فطلباها فأنزل الله عز وجل (فلا ترجعوهن إلى الكفار) فقال النبي صلى الله عليه وسلم (ان الله تعالى منع من الصلح في النساء) ولأنه لا يؤمن أن تزوج أن تزوج بمشرك فيصيبها، ولا يؤمن أن تفتن في دينها لنقصان عقلها ولا يجوز عقدها على رد من لا عشيرة له من الرجال تمنع عنه، لأنه لا يأمن على نفسه في اظهار دينه فيما بينهم، ويجوز عقدها على رد من له عشيرة تمنع عنه لأنه يأمن على نفسه في اظهار دينه، ولا يجوز عقدها مطلقا على رد من جاء من الرجال مسلما، لأنه يدخل فيه من يجوز رده ومن لا يجوز (فصل) وان عقدت الهدنة على ما لا يجوز مما ذكرناه أو عقدت الذمة على ما لا يجوز من النقصان عن دينار في الجزية والمقام في الحجاز أو الدخول إلى الحرم أو بناء كنيسة في دار الاسلام أو ترك الغيار أو اظهار الخمر والخنزير في دار الاسلام وجب نقضه، لقوله صلى الله عليه وسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) ولما روى عن عمر رضي الله عنه أنه خطب الناس وقال:
ردوا الجهالات إلى السنة، ولأنه عقد على محرم فلم يجز الاقرار عليه كالبيع بشرط باطل أو عوض محرم.
(فصل) وان عقدت الهدنة على ما يجوز إلى مدة وجب الوفاء بها إلى أن تنقضي المدة ما أقاموا على العهد لقوله عز وجل (أوفوا بالعقود) ولقوله تعالى (وبشر الذين كفروا بعذاب أليم الا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم ان الله يحب المتقين) ولقوله عز وجل (فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم) وروى سليمان بن عامر قال: كان بين معاوية وبين الروم هدنة فسار معاوية في أرضهم كأنه يريد أن يغير عليهم، فقال له عمرو بن عبسة سمعت رسول الله