يحرمون ما حرم الله ورسوله) وأمر بقتال عبدة الأوثان إلى أن يؤمنوا، لقوله عز وجل (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) ثم اذن في الهدنة في أربعة أشهر وبقى ما زاد على ظاهر الآيتين.
والقول الثاني أنه يجوز لأنها مدة تقصر عن مدة الجرية فجاز فيها عقد الهدنة كأربعة أشهر. وإن كان الامام غير مستظهر بأن كان في المسلمين ضعف وقلة، وفى المشركين قوة وكثرة. أو كان الامام مستظهرا لكن العدو على بعد ويحتاج في قصدهم إلى مؤنة مجحفة جاز عقد الهدنة إلى مدة تدعو إليها الحاجة، وأكثرها عشر سنين، لان رسول الله صلى الله عليه وسلم هادن قريشا في الحديبية عشر سنين، ولا يجوز فيما زاد على ذلك لان الأصل وجوب الجهاد إلا فيما وردت فيه الرخصة، وهو عشر سنين وبقى ما زاد على الأصل وإن قد على عشر سنين وانقضت والحاجة باقية استأنف العقد فيما تدعو الحاجة إليه، وإن عقد على أكثر من عشر سنين بطل فيما زاد على الشعر، وفى العشر قولان بناء على تفريق الصفقة في البيع، وإن دعت الحاجة إلى خمس سنين لم تجز الزيادة عليها، فإن عقد على ما زاد على الخمس سنين بطل العقد فيما زاد، وفى الخمس قولان.
فإن عقد الهدنة مطلقا من غير مدة لم يصح لان إطلاقه يقتضى التأبيد وذلك لا يجوز، وإن هادن على أن له أن ينقض إذا شاء جاز لان النبي صلى الله عليه وسلم وادع يهود خيبر وقال: أقركم ما أقركم الله.
وان قال غير النبي صلى الله عليه وسلم هادنتكم إلى أن يشاء الله تعالى أو أقررتكم ما أقركم الله تعالى لم يجز لأنه لا طريق له إلى معرفة ما عند الله تعالى، ويخالف الرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يعلم ما عند الله تعالى بالوحي، وان هادنهم ما شاء فلان وهو رجل مسلم أمين عالم له رأى جاز، فإن شاء فلان أن ينقض نقض.
وان قال هادنتكم ما شئتم لم يصح لأنه جعل الكفار محكمين على المسلمين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (الاسلام يعلو ولا يعلى) ويجوز عقد الهدنة على مال يؤخذ منهم، لان في ذلك مصلحة للمسلمين،