وإن احتاج إلى بناء حصن أو حفر خندق فعل، لان النبي صلى الله عليه وسلم حفر الخندق. وقال البراء بن عازب رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ينقل التراب حتى وارى التراب شعره وهو يرتجز برجز عبد الله بن رواحة وهو يقول (اللهم لولا أنت ما أهدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا * فأنزلن سكينة علينا * وثبت الاقدام إن لاقينا، وإذا أراد الغزو وبدأ بالأهم فالأهم لقوله عز وجل (قاتلوا الذين يلونكم من الكفار) فإذا استوت الجهاد في الخوف اجتهد وبدأ بأهمها عنده.
(الشرح) حديث البراء بن عازب أخرجه البخاري في الجهاد ومسلم في المغازي اللغة: قوله (ويجب أن يشحن) أي يملا. يقال شحنت البلد بالخيل ملأته وبالبلد شحنة من الخيل أي رابطة، قال الله تعالى (في الفلك المشحون) أي المملوء قوله (مدبرين) المدبر الذي ينظر في دبر الامر أي عاقبته قوله (برجز عبد الله ابن رواحة وهو يقول اللهم لولا أنت ما اهتدينا) فيه خزم من طريق العروض ويستقيم وزنه لا هم والألف واللام زائدتان على الوزن، وذلك يجئ في الشعر كما روى عن علي كرم الله وجهه أشدد حيازيمك للموت * فإن الموت لاقيكا ولا تجزع من الموت * إذا حل بواديكا فإن قوله اشدد خزم كله، والخزم بالزاي وزنه مفاعيلن ثلاث مرات وهو هزج قوله (فأنزلن سكينة علينا) السكينة فعيلة من السكون وهو الوفار والطمأنينة وما يسكن به الانسان، وقيل هي الرحمة، فيكون المعنى أنزل علينا رحمة أو ما تسكن به قلوبنا من خوف العدو ورعبه. وأما السكينة التي في القرآن في قوله تعالى (التابوت فيه سكينة من ربكم) قيل له وجه مثل وجه الانسان ثم هي بعد ريح هفافة. وقيل لها رأس مثل رأس الهر وجناحان، وهي من أمر الله عز وجل، ولعلهم كانوا ينتصرون بها كما نصر بها طالوت على جالوت قوله (وثبت الاقدام ان لا قينا) يقال رجل ثبت في الحرب وثبت، أي لا يزول عن مكانه عند لقاء العدو، وقال الله تعالى (وثبت أقدامنا) ويجوز أن