الغزو على الناس؟ فقال هو وعمرو بن دينار ما علمناه وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد ومالك وسائر فقهاء الأمصار أن الجهاد فرض إلى يوم القيامة إلا أنه فرض على الكفاية إذا قال به بعضهم كان الباقون في سعة من تركه. وذكر أن سفيان الثوري كان يقول ليس بفرض ولكن لا يسع الناس أن يجمعوا على تركه ويجزى فيه بعضهم على بعض، وبهذا يكون مذهبه فرض على الكفاية ان صح القول عنه.
(قلت) والجهاد فرض عين على كل مسلم إذا انتهكت حرمة المسلمين في أي بلد فيه لا إله إلا الله محمد رسول الله، وكان على الحاكم أن يدعو للجهاد وأن يستنفر المسلمين جميعا، وكانت الطاعة له واجبة بل فريضة كالفرائض الخمس، لقول الله تعالى (انفروا خفافا وثقالا) ولقول معمر كان مكحول يستقبل القبلة ثم يحلف عشر أيمان أن الغزو واجب، ثم يقول إن شئتم زدتكم ولما روى عن بشير بن الخصاصية قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أبايعه فقال علام تبايعني يا رسول الله؟ فمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فقال على أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبد الله ورسوله، وتصلى الصلوات الخمس المكتوبات لوقتهن، وتؤدى الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، وتجاهد في سبيل الله فقلت يا رسول الله كلا لا أطيق إلا اثنتين إيتاء الزكاة فما لي إلا حمولة أهلي وما يقومون به، وأما الجهاد فأنى رجل جبان، فإني أخاف أن تخشع نفسي فأفر فأبوء بغضب من الله، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده وقال: يا بشير لا جهاد ولا صدقة فبم تدخل الجنة، فقلت يا رسول الله أبسط يدك، فبسط يده فبايعته عليهن.
وغير هذا كثير جدا نكتفي بهذا.
أما جزاؤه فالجنة، يشهد بذلك ما يردده القرآن على مسامعنا (إن الله اشترى من المؤمنين. بأن لهم الجنة) وما امتلأت به كتب السنة جميعها اما قوله إن النبي صلى الله عليه وسلم غزا سبعا وعشرين غزوة، فقد ورد في الترمذي عن زيد بن أرقم قال (تسع عشرة) قال الحافظ في الفتح: لكن روى أبو يعلى من طريق أبى الزبير عن جابر أن عدد الغزوات إحدى وعشرون.