قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا يجب على من عليه دين حال أن يجاهد من غير إذن غريمه، لما روى أبو قتادة رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: أرأيت إن قتلت في سبيل الله كفر الله خطاياي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر كفر الله خطاياك إلا الدين، كذلك قال لي جبريل، ولان فرض الدين متعين عليه فلا يجوز تركه لفرض على الكفاية يقوم عنه غيره مقامه، فإن استناب من يقضيه من مال حاضر جاز لان الغريم يصل إلى حقه، وإن كان من مال غائب لم يجز لأنه قد يتلف فيضيع حق الغريم، وإن كان الدين مؤجلا ففيه وجهان (أحدهما) أنه يجوز أن يجاهد من غير إذن الغريم كما يجوز أن يسافر لغير الجهاد (والثاني) أنه لا يجوز لأنه يتعرض للقتل طلبا للشهادة فلا يؤمن أن يقتل فيضيع دينه.
(الشرح) حديث أبي قتادة رواه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي وصححه ولأحمد والنسائي من حديث أبي هريرة مثله ولفظه (عن أبي قتادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والايمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل فقال يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عنى خطاياي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف قلت؟ قال أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عنى خطاياي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين، فإن جبريل عليه السلام قال لي كذلك) لا يجوز لمن عليه دين أن يخرج إلى الجهاد الا بإذن من له الدين لأنه حق لآدمي والجهاد حق الله تعالى وينبغي أن يلحق بذلك سائر حقوق الآدميين كدم وعرض لعدم الفرق بين حق وحق، وقد استدل بحديث عبد الله بن عمرو