إذن الإمام فهو كما لو حفر البئر في الطريق الواسع للمسلمين بغير إذن الإمام على الخلاف المذكور فيها وقال أحمد: لا ضمان عليه، سواء كان باذن الامام أو بغير إذنه. وقال أبو حنيفة: إن فرش الحصير وعلق القنديل يضمن إذا لم يأذن فيه الجيران.
دليلنا أنه فعل أحسن به ولم يتعد، وإن عمارة المسجد من أعظم القربات، ولان هذا مأذون فيه من جهة العرف، ولان العادة جارية بالتبرع به من غير استئذان فلم يجب ضمان كالمأذون فيه نطقا (فرع) إذا بنى حائطا في ملكه مستويا، فسقط على إنسان من غير أن يبقى مائلا ولا مستهدما فلا ضمان عليه، لأنه لم يفرط، وان بناه معتدلا فمال إلى ملكه أو بناه مائلا إلى ملكه فسقط على إنسان وقتله لم يجب عليه الضمان لان له أن ينصرف في ملكه كيف شاء. وان بناه مائلا إلى الشارع فسقط على إنسان وقتله وجب على عاقلته الدية والكفارة في ماله، لان له أن يرتفق بهو الشارع بشرط السلامة، فإذا تلف به إنسان وجب ضمانه. وان بناه معتدلا في ملكه ومال إلى الشارع ثم وقع على إنسان فقتله ففيه وجهان قال أبو إسحاق: يجب ضمانه على عاقلته لأنه فرط بتركه مائلا فوجب عليه الضمان كما لو بناه مائلا إلى الشارع وقال أبو سعيد الإصطخري: لا يجب ضمانه وهو المنصوص، لان الميلان حدث من غير فعله فهو كما لو سقط على إنسان من غير ميل فإن مال حائطه إلى هواء دار غيره فلجاره مطالبته بإزالته، لان الهواء ملك لجاره فكان له مطالبته بازلة بنائه عنه، كما قلنا في الشجرة، فإن لم يزل حتى سقط على إنسان فقتله فهل يجب عليه ضمانه؟ على الوجهين إذا مال إلى الشارع وان استهدم من غير ميل فقد قال أبو سعيد الإصطخري والشيخ أبو حامد ليس للجار مطالبته في نقضه لأنه في ملكه، فان وقع على إنسان فلا ضمان عليه قال ابن الصباغ وهذا فيه نظر لأنه ممنوع من أن يضع في ملكه ما يعلم أنه يتعدى إلى ملك غيره كما ليس له أن يؤجج نارا في ملكه تصل إلى ملك غيره مع وجود الريح ولا يطرح في داره ما يتعدى إلى داره غيره. كذلك هنا مثله، لأن الظاهر إذا كان