أجره مرتين (ثم ساق بقية القصة، وهو أن عليا رضي الله عنه هو الذي برز لمرحب وهد بناءه بسيفه هدا) أما الأحكام فإنه إذا جنى الرجل على نفسه أو على أطرافه عمدا كان ذلك هدرا، لان أرش العمد في مال الجاني، والانسان لا يثبت له مال على نفسه، وإن جنى على نفسه خطأ أو على أطرافه كانت جنايته هدرا، وهو قول أكثر أهل العلم، منهم ربيعة ومالك والثوري وأصحاب الرأي، وهي الرواية الثانية عن أحمد بن حنبل، وقد رجحها ابن قدامة على الرواية التي جعلها القاضي أظهرهما، وهي أن على عاقلته ديته لورثته إن قتل نفسه أو أرش جرحه لنفسه إذا كان أكثر من الثلث.
وهذا قول الأوزاعي وإسحاق لما روى أن رجلا ساق حمارا فضربه بعصا كانت معه فطارت منه شظية ففقأت عينه، فجعل عمر ديته على عاقلته وقال هي يد من أيدي المسلمين لم يصبها اعتداء على أحد. وقالوا ولم نعرف له مخالفا في عصره ولأنها جناية خطأ فكان عقلها على عاقلته، كما لو قتل غيره.
فعلى هذه الرواية إن كانت العاقلة الورثة لم يجب شئ لأنه لا يجب للانسان شئ على نفسه، وإن كان بعضهم وارثا سقط عنه ما يقابل نصيبه وعليه ما زاد على نصيبه، وله ما بقي إن كان نصيبه من الدية أكثر من الواجب عليه. دليلنا أن عامر بن الأكوع بارز مرحبا اليهودي فارتد عليه سيفه فقطع أكحله فكانت فيها نفسه، وعلم بأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان في خيبر، ولم يجعل ديته على عاقلته، ولو وجبت عليهم لبينها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن أحمد فيمن جنايته على نفسه شبه عمد فهل تجرى مجرى الخطأ؟ على وجهين (أحدهما) هي كالخطأ لأنها تساويه فيما إذا كانت على غيره (والثاني) لا تحمله العاقلة لأنه لا عذر له فأشبه العمد المحض (فرع) وأما خطأ الامام والحاكم في غيرا لحكم والاجتهاد فهو على عاقلته باتفاق أهل العلم إذا كان مما تحمله العاقلة، وفارق ما إذا كان الخطأ باجتهاده ففيه قولان (أحدهما) أن عاقلته تحمل ذلك عنه لما ذكرناه من أثر عمر رضي الله عنه في المرأة التي أجهضت، وهو إحدى الروايتين عن أحمد (والثاني) وهو الرواية