لأداء رسالة أو عقد ذمة أو هدنة أو حمل ميرة وللمسلمين إليها حاجة جاز الاذن له من غير عوض، لان في ذلك مصلحة للمسلمين، وإذا انقضت حاجته لم يمكن من المقام، فإن دخل من غير ذمة ولا أمان فالامام أن يختار ما يراه من القتل والاسترقاق والمن والفداء.
والدليل عليه ما روى ابن عباس في فتح مكة ومجئ أبي سفيان مع العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمر دخل وقال يا رسول الله هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه من غير عقد ولا عهد فدعني أضرب عنقه، فقال العباس يا رسول الله إني قد أجرته، ولأنه حربي لا أمان له فكان حكمه ما ذكرناه كالأسير، وإن دخل وادعى أنه دخل لرسالة قبل قوله، لأنه يتعذر إقامة البينة على الرسالة، وإن ادعى أنه دخل بأمان مسلم ففيه وجهان (أحدهما) أنه لا يقبل قوله لأنه لا يتعذر إقامة البينة على الأمان (والثاني) أنه يقبل قوله وهو ظاهر المذهب، لان الأظهر أنه لا يدخل من غير أمان، وإن أراد الدخول لتجارة ولا حاجة للمسلمين إليها لم يؤذن له إلا بمال يؤخذ من تجارته، لان عمر رضي الله عنه أخذ العشر من أهل الحرب، ويستحب أن لا ينقص عن ذلك اقتداء بعمر رضى الله، فان نقص باجتهاده جاز لان أخذه باجتهاده فكان تقديره إليه ولا يؤخذ ما يشترط على الذمي في دخول الحجاز في السنة إلا مرة، كما لا تؤخذ الجزية منه في السنة إلا مرة، وما يؤخذ من الحربي في دخول دار الاسلام فيه وجهان (أحدهما) أنه يؤخذ منه في كل سنة مرة كأهل الذمة في الحجاز (والثاني) أنه يؤخذ منه في كل مرة يدخل، لان الذمي تحت يد الامام، ولا يفوت ما شرط عليه بالتأخير، والحربي يرجع إلى دار الحرب، فإذا لم يؤخذ منه فات ما شرط عليه، وإن شرط أن يؤخذ من تجارته أخذ منه، باع أو لم يبع، وإن شرط أن يؤخذ من ثمن تجارته فكسد المتاع ولم يبع لم يؤخذ منه لأنه لم يحصل الثمن، وان دخل الذمي الحجاز أو الحربي دار الاسلام ولم يشرط عليه في دخوله مال لم يؤخذ منه شئ، ومن أصحابنا من قال يؤخذ من تجارة الذمي نصف العشر ومن تجارة الحربي العشر، لأنه قد تقرر هذا في الشرع