وحكى الحافظ في الفتح في كتاب الجهاد عن الجمهور أن الذي يمنع منه المشركون من جزيرة العرب هو الحجاز خاصة، قال وهو مكة والمدينة واليمامة وما والاها لا فيما سوى ذلك مما يطلق عليه اسم جزيرة العرب لاتفاق الجميع، على أن اليمن لا يمنعون منها مع أنها من جملة جزيرة العرب قال وعن الحنفية يجوز مطلقا إلا المسجد، وعن مالك يجوز دخولهم المسجد الحرام للتجارة وقال الشافعي لا يدخلون أصلا إلا بإذن الإمام لمصلحة المسلمين اه قال ابن عبد البر في الاستذكار ما لفظه، قال الشافعي جزيرة العرب التي أخرج عمر اليهود والنصارى منها، مكة والمدينة واليمامة ومخاليفها، فأما اليمن فليس من جزيرة العرب. اه قال في البحر (مسألة) ولا يجوز إقرارهم في الحجاز إذا أوصى صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشياء: إخراجهم من جزيرة العرب، الخبر ونحوه، والمراد بجزيرة العرب في هذه الأخبار مكة والمدينة واليمامة ومخاليفها ووج والطائف وما ينسب إليهما، وسمى الحجاز حجازا لحجزه بين نجد وتهامة.
ثم قال في حديث أبي عبيدة (أجلى عمر أهل الذمة من الحجاز فلحق بعضهم بالشام وبعضهم بالكوفة) وأجلى أبو بكر قوما فلحقوا بخيبر، فاقتضى أن المراد الحجاز لا غير اه. وباقي كلام المؤلف في الفصل سبق بيانه قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا يمكن مشرك من دخول الحرم لقوله عز وجل (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) والمسجد الحرام عبارة عن الحرم، والدليل عليه قوله عز وجل (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) وأراد به مكة، لأنه أسرى به من منزل خديجة. وروى عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل مشرك المسجد الحرام، فإن جاء رسولا خرج إليه من يسمع رسالته، وإن جاء لحمل ميرة خرج إليه من يشترى منه، وإن جاء ليسلم خرج إليه من يسمع كلامه، وإن دخل ومرض فيه لم يترك فيه، وإن مات لم يدفن فيه، وإن دفن فيه نبش وأخرج منه