شهد الوقعة، وإن كان بعد انقضاء الحرب وحيازة الغنيمة لم يسهم لهم لأنهم حضروا بعد ما صارت الغنيمة للغانمين، وإن كان بعد انقضاء الحرب وقبل حيازة الغنيمة ففيه قولان (أحدهما) أنه لا يسهم لهم لأنهم لم يشهدوا الوقعة (والثاني) أنه يسهم لهم لأنهم حضروا قبل أن يملك الغانمون (فصل) وان خرج أمير في جيش وأنفذ سرية من الجيش إلى الجهة التي يقصدها أو إلى غيرها فغنمت السرية شاركهم الجيش، وان غنم الجيش شاركتهم السرية، لان النبي صلى الله عليه وسلم حين هزم هوازن بحنين أسرى قبل أوطاس سرية وغنمت فقسم غنائمهم بين الجمع وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (المسلمون يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم وترد سراياهم على قاعدهم، ولان الجميع جيش واحد فلم يختص بعضهم بالغنيمة. وان أنفذ سريتين إلى جهة واحدة من طريق أو طريقين اشترك الجيش والسريتان فيما يغنم كل واحد منهم لان الجميع جيش واحد، وإن أنفذ سريتين إلى جهتين شارك السريتان الجيش فيما يغنمه، وشارك الجيش السريتين فيما يغنمان، وهل تشارك كل واحدة من السريتين السرية الأخرى فيما تغنمه؟
فيه جهان (أحدهما) أنها لا تشارك لان الجيش أصل السريتين، وليست إحدى السريتين أصلا للأخرى (والثاني) وهو الصحيح انها تشارك لأنهما من جيش واحد، وإن أنفذ الأمير سرية من الجيش وأقام هو مع الجيش فغنمت السرية لم يشاركها الجيش المقيم مع الأمير، لان النبي صلى الله عليه وسلم بعث السرايا من المدينة فلم يشاركهم أهل المدينة فيما غنموا، ولان الغنيمة للمجاهدين والجيش مقيم مع الأمير ما جاهدوا فلم يشارك السرية فيما غنمت والله أعلم.
(الشرح) قول عمر (الغنيمة لمن شهد الوقعة) أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح وابن أبي شيبة والطبراني والبيهقي مرفوعا وموقوفا، وقال الصحيح وقفه وابن عدي عن علي موقوفا والشافعي وفيه انقطاعا.
حديث عمرو بن شعيب عن جده، أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة (المسلمون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم ويجير عليهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم