فقال لعلي رضي الله عنه ما تقول؟ فقال إن اجتهدا فقد أخطأ وإن علما فقد غشاك، عليك الدية، فقال عزمت عليك لتقسمنها على قومك، يعنى على عاقلي ولم ينكر عينهما عثمان ولا عبد الرحمن.
وروى أن مولاة لصفية جنت جناية فقضى بأرش جنايتها على عاقلة صفية ولا مخالف لهم في الصحابة فدل على أنه إجماع إذا ثبت هذا فهل تحمل العاقلة ما دون دية النفس؟ قال الشافعي رضي الله عنه في الجديد (تحمل العاقلة ما قل أو كثر من الأرش) وبه قال عثمان البتي، وقال في القديم (تحمل العاقلة دية النفس ولا تحمل ما دون دية النفس، بل تجب في مال الجاني.
وحكى بعض أصحابنا أن قوله في القديم أن العاقلة تحمل ثلث الدية فأكثر ولا تحمل ما دون ثلث الدية، وبه قال مالك وابن المسيب وعطاء وأحمد وإسحاق وقال الزهر، (تحمل العاقلة ما فوق ثلث الدية، فأما ثلث الدية فما دونه ففي مال الجاني وقال أبو حنيفة تحمل أرش الموضحة فما زاد وما دون أرش الموضحة ففي مال الجاني فإذا قلنا بقوله القديم فوجهه أن ما دون دية النفس فيجرى ضمانه مجرى ضمان الأموال بدليل أنه لا يثبت فيه القصاص ولا تجب فيه الكفارة فلم تحمل العاقلة كما لو أتلف مالا.
وإذا قلنا بقوله الجديد فوجهه أن من حمل دية النفس حمل ما دون الدية كالجاني، ولان العاقلة إنما حملت الدية عن القاتل في الخطأ وعمد الخطأ لئلا يجحف ذلك بماله، وهذا يوجد فيما دون دية النفس قال الشيخ أبو حمد الأسفراييني وهل تحمل العاقلة دية الجنين؟ فيه قولان قال في الجديد تحمل ديته بكل حال لما ذكرناه من حديث المغيرة بن شعبة. وقال في القديم لا تحملها، بل يكون في مال الجاني، وبه قال مالك، لان العاقلة لا تحمل ما دون ثلث الدية، فإن وجب له القصاص في الطرف فاقتص بحديدة مسمومة فمات وجب على المقتص نصف الدية، وهل تحمله عنه العاقلة؟ فيه وجهان (أحدهما) تحمله عنه لأنه ليس بعمد محض (والثاني) لا تحمله العاقلة لأنه قصد قتله بغير حق، هكذا أوضح صاحب البيان