(مسألة) ما ورد في قتل العبد أو فقأ عينه فإنه مضمون بالاتلاف لحق الآدمي بغير جنسه فضمن بقيمته بالغة ما بلغت كسائر الأموال، فقولنا بالاتلاف احتراز مما لو غصب ملك غيره وهو باق في يده فإنه مضمون برده، وقولنا لحق الآدمي احتراز من الكفارة ومن جزاء الصيد الذي له مثل. وقولنا من غير جنسه احتراز ممن غصب شيئا من ذوات الأمثال وتلف أو أتلفه، وأما ما دون النفس من العبد فهو معتبر بالحر، فكل شئ وجب فيه من الحر الدية وجب فيه من العبد قيمته، وكل شئ مضمون من الحر بحر ومقدر من الدية ضمن من العبد بمثل ذلك الجزء من قيمته، وكل شئ ضمن من الحر بالحكومة ضمن من العبد بما نقص من قيمته، وبه قال عمر وعلي رضي الله عنهما وابن المسيب وعن أبي حنيفة روايتان، إحداهما كقولنا، والثانية ما لا منفعة فيه كالأذنين والحاجبين فإن فيه ما نقص من قيمته، ونحن نوافقه على الحاجبين في العبد إلا أنه يخالفنا في الحاجبين من الحر وقال مالك: يضمن بما نقص من قيمته إلا للوضحة والمنقلة والمأمومة والجائفة فإنه يضمن بجزء من قيمته، وحكاه أصحابنا الخراسانيون قولا للشافعي وليس بمشهور، والدليل على صحة ما قلناه أنه قول عمر وعلى ولا مخالف لهما في الصحابة، فدل على أنه اجماع، ولأنه كائن حي يضمن بالقصاص والكفارة فكانت أطرافه وجراحاته مضمونة ببدل مقدر من بدله كالحر، ومما أفدناه من هذه الفصول هل تعتبر الجناية بحال الاستقرار أم بوقت حدوثها في موت الجنين بضرب أمه، فذهب المزني وأبو سعيد الإصطخري إلى الأول، وقال أبو إسحاق وأكثر أصحابنا يعتبر قيمتها يوم الجناية، وهو المنصوص، وقد مضى في الجنايات بحثنا لهذا الخلاف والاخبار والآثار الواردة فيه. وما قرره المصنف في هذه الفصل فعلى وجهه والله المستعان
(١٤٠)