تجب الحكومة قولا واحدا لما ذكرناه، ولان قول الصحابي ليس بحجة في قوله الجديد، وقد عرفنا أن بعض الصحابة رضي الله عنهم كان يفتى في المسألة فيبلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافها فيرجع عن قوله، وقد فعل أبو بكر في ميراث الجدة ذلك، وكذلك فعل عمر في الاستئذان ثلاثا ورجع عن إنكاره لقول أبى موسى، ولم يعرف حم إملاص المرأة حتى سأل عنه فوجده عند المغيرة وباع معاوية سقاية من ذهب بأكثر من وزنها حتى أنكر عليه ذلك عبادة بن الصامت وكذلك رد الحيض وقسمة مال الكعبة.
ويسمى الفقهاء قول الصحابي أثرا وكذلك بعض المحدثين بيد أن تعريفه عند المحدثين (موقوف) وعزا ابن الصلاح تسميته أثرا إلى الخراسانيين قال: وبلغنا عن أبي القاسم الفوراني أنه قال: الخبر ما كان عن (رسول الله صلى الله عليه وسلم والأثر ما كان عن الصحابي قال ابن كثير: ومن هذا يسمى كثير من العلماء الكتاب الجامع لهذا، وهذا بالسنن، والآثار، ككتابي السنن والآثار للطحاوي والبيهقي وغيرهما اه. على أن مالكا كان يأخذ قول الصحابي لا على أنه رأى له وإنما على أنه حديث لم يسنده الصحابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا جاء عنه انه كان يقدم الموقوف على المرفوع أحيانا، ولا يخفى ما فيه مما تجنبه الإمام الشافعي في الجديد، وكان يأخذ به في القديم.
إذا ثبت هذا فإن الضلع معروف، وأما الترقوة فهي العظم المدور في النحر إلى الكتف، ولكل واحد ترقوتان، وفى كل ترقوة حكومة على أصح القولين، والثاني بعير، وهذا قول عمر بن الخطاب، وبه قال سعيد بن المسيب ومجاهد وعبد الملك بن مروان وسعيد بن جبير وقتادة وإسحاق وقال أحمد وأصحابه في كل ترقوة بعيران، وقال ابن قدامة عند قول الخرقي وفى الترقوة بعيران، وقال القاضي المراد بقول الخرقي الترقوتان معا، وإنما اكتفى بلفظ الواحد لادخال الألف واللام المقتضية للاستغراق فيكون في كل ترقوة بعير.
وقال أبو حنيفة: في كل واحدة منهما حكومة، وهو أظهر قولي الشافعي