كما كان من غير زيادة ولا نقصان لم يجب على الجاني شئ كما لو قلع سن صغير ثم نبت، فإن لم ينبت أصلا وأيس من نباته وجبت فيه حكومة للشين الحاصل بذهابه. ولابن قدامة من الحنابلة. قوله: ولا تجب الدية إلا بذهابه على وجه لا يرجى عوده، مثل أن يقلب على رأسه ما يتلف منبت الشعر فينقلع بالكلية بحيث لا يعود، فإن رجى عوده إلى مدة انتظر إليها، وان عاد قبل أخذ الدية لم تجب، فان عاد بعد أخذها ردها، والحكم فيه عندهم كالحكم في ذهاب السمع والبصر فيما يرجى عوده وفيما لا يرجى.
(فرع) إذا نبت للمرأة لحية فحلقها حالق فلم تنبت فهل تجب فيها الحكومة؟
فيه وجهان (أحدهما) وهو قول أبى العباس بن سريج أنه لا حكومة فيها، لان بقاء اللحية في حقها شين وزوالها في حقها زين (والثاني) وهو المنصوص أنه يجب فيها الحكومة، لان ما يجب ضمانه من الرجل ضمن من المرأة كسائر الأعضاء، قال الشافعي رحمه الله: إلا أن الحكومة فيها أقل من الحكومة في لحية الرجل، لان للرجل جمالا بها ولا جمال بها للمرأة، وإنما الحكومة للألم والعدوان وإذا ثبت هذا فان نبت للخنثى المشكل لحيه، فهل تكون دليلا على ذكوريته، فيه وجهان.
قال أبو علي الطبري يكون دليلا على ذكوريته، فعلى هذا إذا نتفها رجل ولم تنبت كان عليه حكومة كالحكومة في لحية الرجل، وقال عامة أصحابنا لا يكون دليلنا على ذكوريته، فعلى هذا إذا نتفها رجل ولم تنبت كان في وجوب الحكومة فيها وجهان كلحية المرأة.
(مسألة) قال الشافعي رضي الله عنه (وفى الترقوة جمل، وفى الضلع جمل) وقال في موضع) يجب في كل واحد منهما حكومة) واختلف أصحابنا فيهما، فذهب المزني وبعض أصحابنا إلى أن فيهما قولين (أحدهما) يجب في كل واحد منهما أرش مقدر، وإنما يجب فيها حكومة، وبه قال مالك وأبو حنيفة واختاره المزني وهو الأصح، لأنه كسر عظم باطن لا يختص بجمال ومنفعه فلم يجب فيه أرش مقدر كسائر عظام البدن، وما روى عن عمر رضي الله عنه فيحتمل أنه قضى بذلك على سبيل الحكومة، فمنهم من قال لا يجب فيه أرش مقدر وإنما