به الجنة وينجى به من النار، وحكم بإيمانها كما يحكم بنطق من يقول ذلك، فوجب أن تكون الإشارة عاملة في سائر الديانة، وهو قول عامة الفقهاء وروى ابن القاسم عن مالك أن الأخرس إذا أشار بالطلاق أنه يلزمه.
وقال الشافعي في الرجل يمرض فيختل لسانه فهو كالأخرس في الرجعة والطلاق وقال أبو حنيفة ذلك جائز إذا كانت إشارته تعرف، وإن شك فيها فهي باطل، وليس ذلك بقياس وإنما هو استحسان.
وقال القرطبي والقياس في هذا كله أنه باطل لأنه لا يتكلم ولا يعقل إشارته قال أبو الحسن بن بطال، وإنما حمل أبا حنيفة على قوله هذا أنه لم يعلم السنن التي جاءت بجواز الإشارات في أحكام مختلفة في الديانة، ولعل البخاري حاول بترجمته " باب الإشارة في الطلاق والأمور " الرد عليه وقال عطاء أراد بقوله ألا تكلم الناس، صوم ثلاثة أيام، وكانوا إذا صاموا لا يتكلمون إلا رمزا، وهذا فيه بعد. أفاده القرطبي (قلت) وعندي أن زكريا سأل الله تعالى أن يجعل له آية، فقال آيتك أنى أجعلك لا تستطيع الكلام ثلاثة أيام إلا إشارة. وهذه أعظم آية بظهرها الله تعالى لزكريا في ذات نفسه أما قوله تعالى " فإما ترين من البشر أحدا " الأصل في ترين ترأيين بوزن تمنعين قبل التوكيد ودخول الجازم، فحذفت الهمزة كما حذفت من ترى، ونقلت فتحتها إلى الراء فصار تريين ثم قبلت الياء الأولى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فاجتمع ساكنان الألف المنقلبة عن الياء وياء التأنيث لالتقاء الساكنين، لان النون المثقلة بمنزلة نونين، الأولى ساكتة فصار ترين. وعلى هذا النحو قول دريد بن الصمة إما ترى رأسي حاكي لونه طرة صبح تحت أديال الدجى وقول الأفوه العبدي إما ترى أزرى به مأس زمان ذي انتكاس مئوس قال ابن عباس وأنس، إذا سألك أحد عن ولدك فقولي إني نذرت للرحمن