قال ابن المنذر وقد روينا عن علي أنه جلد الوليد بن عقبه بسوط له طرفان أربعين جلدة، وأنكر مالك هذا وتلا قوله تعالى " فاجلدوا كل واحد منها مائة جلدة " وهذا مذهب أصحاب الرأي. اه وقد احتج الشافعي رضي الله عنه بحديث خرجه أبو داود في سننه: حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني، حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني أبو أسامة بن سهل بن حنيف أنه أخبره بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار " أنه اشتكى رجل منهم حتى أضنى، فعاد جلدة على عظم، فدخلت عليه جارية لبعضهم، فهش لها فوقع عليها، فلما دخل عليه رجال قومه يعودونه أخبرهم بذلك وقال: استفتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني قد وقعت على جارية دخلت على، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا:
ما رأينا بأحد من الناس من الضر مثل الذي هو به، لو حملناه إليك لتفسخت عظامه، ما هو إلا جلد على عظم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا مائة شمراخ فيضربوه بها ضربة واحدة ".
قال الشافعي: إذا حلف ليضربن فلانا مائة جلدة أو ضربا ولم يقل: ضربا شديدا ولم ينو ذلك بقلبه يكفيه مثل هذا الضرب المذكور في الآية ولا يحنث، وقال ابن المنذر: إذا حلف الرجل ليضربن عبده مائة فضربه ضربا خفيفا فهو بار عند الشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي وقال مالك ليس الضرب إلا الضرب الذي يؤلم.
(تنبيه) قال القرطبي في جامع أحكام القرآن ج 15 ص 215. استدل بعض جهال المنزهدة، وطعام المتصوفة بقوله تعالى لأيوب " اركض برجلك " على جواز الرقص، قال أبو الفرج الجوزي: وهذا احتجاج بارد، لأنه لو كان أمر بضرب الرجل فرحا كان لهم فيه شبهة، وإنما أمر بضرب الرجل لينبع الماء إعجازا من الرقص، ولئن جاز أن يكون تحريك رجل قد أنحلها تحكم الهوام دلالة على جواز الرقص في الاسلام جاز أن يجعل قوله سبحانه " اضرب بعصاك الحجر " جوازا على ضرب المحاد بالقضبان نعوذ بالله من التلاعب بالشرع، وقد احتج بعض قاصريهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي " أنت منى وأنا منك "